العرب كانوا إذا لقوا قوما لقوهم بالأزجّة ليؤذنوهم أنهم لا يريدون حربهم، فإذا أبوا، قلبوا لهم الأسنّة، فقاتلوهم. قلت: وهذا المعنى يناسب ما قبله في القصيدة. وأما مكانه عند الزوزني، فإنه يجعله قلقا، لا صلة له بما قبله وبما بعده. ويناسبه في التسلسل أيضا ما جاء عند التبريزي في الدعوة إلى الوفاء بعقد الصلح:
ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه ... إلى مطمئنّ البرّ لا يتجمجم
ويناسبه في السياق بعد رواية التبريزي:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... ولو رام أسباب السماء بسلّم
وربما كانت روايته الصحيحة:
ومن يبغ أطراف الرماح ينلنه ... ولو رام أن يرقى السماء بسلّم
يريد: من تعرض للرماح نالته ..
قلت: ولعلّ بعض الأبيات التي تأخرت منظومة في قسم الحكمة، تكون متقدمة في قلب القصيدة، فقوله:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
- قد يناسب مكانه بعد البيتين اللذين يدعو فيهما الأحلاف ألّا يضمروا الغدر في نفوسهم، حيث يقول:
فلا تكتمنّ الله ما في نفوسكم ... ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيوضع في كتاب فيدّخر ... ليوم الحساب أو يعجّل فينقم
ويناسب هذا المقام أيضا قوله:
وأعلم ما في الأمس واليوم قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عم
يريد أن يقول لهم: إذا كان أحد الفريقين أحرز نصرا فيما مضى، فإنه لا يعلم ما يخبّئ له القدر. وربما أتى في نسقه قوله: