للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت المنايا خبط عشواء ... البيت.

ويناسب هذا المقام قوله:

ومن لم يصانع في أمور كثيرة ... يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم

ففيه دعوة إلى مصانعة الناس ومداراتهم، وهذا يناسب الدعوة إلى الصلح.

وقوله:

ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله .. البيت.

يناسب مقامه بعد مدح من دفعوا ديات القتلى.

ولعلّ بعض الأبيات، التي لا نجدها منسوقة مع المعاني العامة للقصيدة، تكون زيادة من الرواة والله أعلم.

ب - وهكذا وجدنا من الملاحظة السابقة أن أبيات الحكمة تكون منسوقة مع المعاني العامة للقصيدة؛ لأن الحكم نوع من النصح، والنصح يناسب مقتضى حال الكلام، فإن كانت القصيدة في الرثاء، جاءت الحكمة مناسبة لمقام التعزية والصبر، وإن كانت في قصيدة فخر فهي مناسبة لمعاني الفخر. فهذا طرفة بن العبد يقول:

ولولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى ... وجدّك لم أحفل متى قام عوّدي

ويفصّل الثلاث التي جعلها هدف الحياة ثم يقول:

فذرني أروّي هامتي في حياتها ... مخافة شرب في الحياة مصرّد

ثم يشرح لنا فلسفته هذه في صورة الحكمة المناسبة للمقام فيقول:

أرى قبر نحّام بخيل بماله ... كقبر غويّ في البطالة مفسد

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدّد

أرى العيش كنزا ناقصا كلّ ليلة ... وما تنقص الأيام والدهر ينفد

لعمرك إنّ الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطّول المرخى وثنياه في اليد

<<  <  ج: ص:  >  >>