للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّ امرئ ستئيم من ... هـ العرس أو منها يئيم

وقد يتلاحق البيتان والثلاثة في نسق فلا يؤخر المتقدم ولا يتقدم المتأخر، كقوله:

والمرء يبخل في الحقو ... ق وللكلالة ما يسيم

ما بخل من هو للمنو ... ن وريبها غرض رجيم

ويرى القرون أمامه ... همدوا كما همد الهشيم

[والكلالة: الوارث ليس فيه الوالد والولد].

وقل ذلك في الحكمة التي تتخلل القصائد المطولة، فالحكمة لا تأتي دائما في بيت مفرد وإنما تكتمل في البيتين والثلاثة. قال معن بن أوس المزني (مخضرم) يعاتب صديقا:

وكنت إذا ما صاحب رام ظنّتي ... وبدّل سوءا بالذي كنت أفعل

قلبت له ظهر المجنّ فلم أدم ... على ذاك إلا ريث ما أتحوّل

إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدهر تقبل

فالبيت الأخير بمنزلة التذييل لما سبقه، وفيه الحكمة السائرة، ولكنه ذروة ما قبله. فهو يريد أن يقول: إنّي أمدّ نفس التصبّر ما أمكن، فإذا أعجزتني الحال العارضة عن الاحتمال، انصرفت مالكا عناني، ثم لا يثنيني على ما أعرضت عنه شيء أبد الدهر، أي: لم تكد نفسي تقبل إليه بوجه من الوجوه، وعلى لون من الألوان. وفي قصيدة معن بن أوس ما يتمثل به الناس على أنه خطاب عام وبيت منفرد، وهو قوله:

وفي الناس إن رثّت حبالك واصل ... وفي الأرض عن دار القلى متحوّل

ولكن الخطاب في قوله: «حبالك» للصديق المذكور في القصيدة، والبيت مربوط بما قبله، وهو:

ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أيّ كفّ تبدّل

<<  <  ج: ص:  >  >>