الجمعة تقام قبل دخول وقت الزوال، فإن جماهير علماء المسلمين كما قلنا على أن وقت صلاة الجمعة هو وقت الظهر بعد الزوال وأنه لا تجوز قبل زوال الشمس.
لكن قال أحمد وإسحاق وابن راهويه بأنه يجوز أن تؤدى قبل الزوال، وقد قدمنا بعض الأدلة في ذلك وفيما يلي مزيد بيان، قال صاحب (الإعلاء ٨/ ٤٥): إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين لجميع الصلوات أول الوقت وآخره، كما ورد في رواية جبريل وحديث السائل عن وقت الصلاة فلو كان للجمعة وقت قبل الزوال لبينه قولاً أو فعلاً، ولم يثبت أنه صلى الجمعة قبله يوماً أو أجاز ذلك لأحد قولاً. بل الثابت عنه خلافه أنه أمر ابن عمير لأول جمعة جمعت في الإسلام أن يصليها بعد الزوال، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يصليها، لم يجمع قبله قط، فهذا مما يفيد العلم بأن وقتها إنما هو بعد أن تزول الشمس عن شطر النهار. كيف؟ وأن الجمعة أقيمت مقام الظهر بالنص، فيصير وقت الظهر وقتاً لها، وما أقيمت مقام غيرها من الصلوات، فلم تكن مشروعة في غير وقته والله تعالى أعلم.
قال النووي: وقد قال مالك وأبو حنيفة، والشافعي، وجماهير العلماء من الصحابة، والتابعين فمن بعدهم: لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس. ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل، وإسحاق، فجوزاها قبل الزوال. قال القاضي: وروي في هذا أشياء عن الصحابة لا يصلح منها شيء إلا ما عليه الجمهور. وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء، والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة، لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها اهـ (١ - ٢٨٣).
احتجت الحنابلة بما رواه مسلم عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال:"كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، فنرجع؛ وما نجد للحيطان فيئاً نستظل به". قالوا: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين، ويجلس بينهما، ويقرأ القرآن، ويذكر الناس كما في مسلم من حديث أم هشام بنت حارثة أنها قالت:"ما حفظت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرؤها على المنبر كل جمعة". وعند ابن ماجة من حديث أبي بن كعب، "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم". وكان يصلي الجمعة بسورة الجمعة،