للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

إن تقسيم أفعال الصلاة وأقوالها إلى أركان وواجبات وسنن وآداب أثر عن مباحث أصولية، ونظرة عميقة للنصوص، واستشراف لها، وكثيراً ما يختلف الفقهاء في الحكم على قول، أو فعل في الصلاة.

وفي الغالب فإن الأشياء الرئيسية لا يختلفون فيها، وبعض ما يختلفون فيه إنما يختلفون في قوة الإلزام، فمن قائل بالفرضية ومن قائل بالوجوب، أو من قائل بالوجوب وقائل بالسنية.

وأحياناً لا يكون هناك اختلاف حقيقي، فتجد بعضهم مثلاً يذكر أن أركان الصلاة ستة كالحنفية، وبعضهم يذكر أن أركان الصلاة أربعة عشر كالمالكية والحنابلة ويقول الشافعية إنها ثلاثة عشر، وعند التأمل نجد أن الحنفية عندما يفصلون في أركان الصلاة، فإن كثيراً مما اعتبره الآخرون ركناً يعتبره الحنفية أنفسهم ركناً، فالرفع مثلاً من السجدة الأولى إلى السجدة الثانية والهوي منه إلى السجدة الثانية والسجدة الثانية نفسها كلها فرائض عند الحنفية، ولكنهم في عملية الإجمال يقولون إن السجود ركن من أركان ستة، وآخرون يفصلون فيزيدون الفرائض.

والعوامل التي أدت إلى تقسيم أفعال الصلاة وأقوالها إلى ما ذكرناه كثيرة، تذكر عادة في كتب أصول الفقه، فهناك شيء أمر به القرآن وأمرت به السنة، وداوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوجد ما يدل على الترخص فيه أو التخفيف في حكمه، وبين أمر لم تتوافر فيه كل هذه الصفات، ومع أنه قد لا يوجد أمر تتوافر فيه كل هذه الصفات، فقد يكفي الأمر الملزم في بعض الصور في إثبات نفس القوة في الحكم، وهذه موضوعات سنتعرض لها في كتابنا (الأساس في قواعد المعرفة وضوابط الفهم للنصوص)، أما هنا فنكتفي بهذه الإشارة بين يدي أفعال الصلاة وأقوالها ليعرف القارئ سبباً من أسباب اختلاف الفقهاء في الحكم على قول أو فعل بأنه ركن أو واجب أو سنة أو أدب.

ومن أسباب الاختلاف في قوة الحكم وجود نصوص في ظاهرها تعارضن فيقع اختلاف في

<<  <  ج: ص:  >  >>