للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ائتلفتْ عليه قلوبُكم، فإذا اختلفْتُم فقوموا".

أقول: إذا كان هذا في حق القرآن، فكيف بالاختلاف الذي هو أثر عن اختلاف في قضية مصلحية يؤدي إلى تعكير القلوب، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته يقطع الاجتماع عندما اختلفوا في أمر كتابته في شأن الخلافة، وعلى هذا فمن أدب العلماء والدعاة أن يؤجلوا الجلسات التي تؤدي إلى تناكر القلوب حتى يتضح الحق، ويقبل الناس على الاجتماع بقلوب متآلفة.

[- في أحكام الجهر والإسرار بقراءة القرآن]

٢٣٩٥ - * روى أبو داود عن أبي سعيدٍ الخدريِّ (رضي الله عنه) قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهُمْ يجهرون بالقراءةِ، فكشف الستْرَ، وقال: "ألا إنَّ كُلكُمْ يناجي ربَّهُ، فلا يُؤذينَّ بعضُكم بعضاً، ولا يرفعْ بعضُكم على بعض في القراءة - أو قال: في الصلاة".

أقول: في هذا النص آداب يغفل عنها الناس منها: أن جواز الجهر بالقرآن منوط بعدم التشويش وعدم الإيذاء، فإذا كان هذا في حق القرآن فمن باب أولى أن يقال في غيره، وقد توسع الناس في عصرنا في استعمال مكبرات الصوت في المساجد لغير الأذان وفي الاحتفالات رغبة في إسماع ربات البيوت فلينظر في هذا كله وليتعامل معه بما لا يؤذي الناس بحذر، وقد كان شيخنا الشيخ محمد الحامد رحمه الله يذكر أنه لا يصح أن يتحكم إنسان في الأجواء فيشوش على الطلاب والعباد بسبب من إسماع صوت بواسطة المكبرات وغيرها.

وإذا حضر حفلة يمنع وضع المكبرات إلا بالقدر الذي يحتاجه السامعون الحاضرون، أما شعيرة الأذان فلها وضع خاص وعلى كل الأحوال، فالموازنة بين المصالح والمضار في مثل هذه الشؤون يحكمها الذوق الإسلامي ورغبة الناس واستعدادهم (١)، أما ما يفعله بعض الناس بإظهار المنكرات ونشرها وإشاعتها والتشويش على الناس بها فهذا مما يوجب التعزير


= مسلم (٤/ ٢٠٥٣) ٤٧ - كتاب العلم، ١ - باب النهي عن اتباع متشابه القرآن ... إلخ.
٢٣٩٥ - أبو داود (٢/ ٣٨) كتاب الصلاة، ٢٦ - باب [في] رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>