للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفقرة الثالثة

في صلاة الخوف

[مقدمة]

من معجزات هذا الدين انسجام تكاليفه مع بعضها ومن معجزاته شمولية بعض النصوص بحيث تسع الزمان والمكان، ومن معجزاته أن كانت بعض نصوصه قابلة لتعدد الفهم مما أدى إلى اختلاف أئمة الاجتهاد بما يسع الزمان والمكان كذلك، ومما تظهر به هذه القضايا مجتمعة صلاة الخوف.

فالمكلف في الإسلام مكلف بالعبادة والعبودية والإيمان بالقدر والتوكل والأخذ بالأسباب، فمن عبادات الإسلام الصلاة والجهاد، والمسلم يقاتل متوكلاً على الله راضياً بقضائه، آخذاً بالأسباب ومن أهم مبادئ القتال التي ينبغي أن يراعيها المقاتل مبدأ المفاجأة، فهو من ناحية عليه أن يعمل الحيلة ليفاجئ خصمه وعليه أن يكون في غاية الحذر كي لا يفاجئه خصمه.

وصلاة الخوف تجتمع فيه مراعاة كل ما مر.

فالمسلم وهو يقاتل لا يغفل عن أداء الصلاة، وقد شرعت له صلاة الخوف ليستطيع أن يصلي في أي ظرف قتالي يواجهه، وكي لا يباغت المسلم من قبل الخصم شرعت صلاة الخوف بما يحقق الحذر من المفاجأة والمباغتة، وتعددت صورها في النصوص بما يسع الزمان والمكان، وذلك من مظاهر معجزات هذا الدين، فانسجام تكاليفه ومراعاته كل مصالح الإنسان الروحية والمادية، وإذا تأملت أقوال العلماء فيما ورد في صلاة الخوف تجد معجزة أخرى من معجزات الإسلام، وذلك أن القرآن الكريم تحدث في مقامين عن صلاة الخوف:

المقام الأول: في سورة النساء وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>