هناك صورة مضادة لاستيلاء المسلمين وهي: ما إذا استولى الكافرون على شيء من أرض الإسلام وبلادهم فكيف يكون الحكم القضائي إذا دخل في يوم ما في دائرة الدعوة والقضاء الإسلاميين؟ ثم إن هناك صورة ما إذا استولى المرتدون على أرض فما حكم تصرفاتهم خلال مرحلة الاستيلاء؟ إنه يترتب على الجواب مسائل كثيرة وفروع كثيرة، ويحتاج ذلك إلى فتاوى تكافئ الواقع والمستجدات، وها نحن ننقل لك من كلام العلماء ما يُستأنس به:
استيلاء الكفار على أموال المسلمين؛ قال جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية: يملك الكفار أموال المسلمين أو الذميين في دار الإسلام بالقهر والغلبة، إلا أن الحنفية قالوا: لا يثبت تملكهم لأموالنا إلا بالإحراز في دار الحرب، وقال الشافعية: لا يملك الكافر مال المسلم أو الذمي بطريق الغنيمة.
واستدل الشافعية بحديث عمران بن حصين قال: أغار المشركون على سرح المدينة وأخذوا العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرأة من المسلمين، فلما كانت ذات ليلة قامت المرأة وقد ناموا، فجعلت لا تضع يدها على بعير إلا أرغى حتى أتت العضباء، فأتت ناقة ذلولاً فركبتها ثم توجهت قبل المدينة ونذرت: لئن نجاها الله لتنحرنها، فلما قدمت المدينة عُرفت الناقة، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته المرأة بنذرها، فقال:"بئس ما جزيتها، لا نذر فيما لا يملك ابن آدم، ولا نذر في معصيةٍ".
وكذلك يدل ظاهر حديث ابن عمر على مثل هذا، وهو أنه أغار له فرس فأخذها العدو فظهر عليه المسلمون، فردت عليه في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما حديثان ثابتان. وأما الأثر الذي يدل على ملك الكفار على المسلمين فقوله عليه الصلاة والسلام:"وهل ترك لنا عقيلٌ من منزلٍ" يعني أنه باع دوره التي كانت له بمكة بعد هجرته منها عليه الصلاة والسلام إلى المدينة. واستدلوا بأن العلماء قد أجمعوا على أن لكفار غير ضامنين لأموال المسلمين، فلزم عن ذلك أن الكفار ليسوا بغير مالكين للأموال، فهم مالكون، إذ لو كانوا غير مالكين لضمنوا (١).