جعل الله الكعبة قبلة المصلين وأحاطها بمسجد له أحكامه الخاصة، وأحاطها هي والمسجد بمنطقة، هذه المنطقة تسمى الحرم ولها أحكامها الخاصة بها ولها فضلها العظيم، وأحاط منطقة الحرم بمنطقة تسمى الحل وهي منطقة لها أحكامها، فلا يصح أن يتجاوز من أراد النسك حدود الحل إلا محرماً، وهناك اتجاه فقهي أنه لا يجوز لغير أهل منطقة الحل أن يتجاوزوا حدود الحل إلا محرمين بحج أو عمرة وهذه الحدود التي لا يصح أن يتجاوزها مريد النسك إلا محرماً وتسمى المواقيت، فالمواقيت جمع ميقات، وهو الوقت المضروب للفعل والموضع والمراد به: الوقت والمكان اللذان يحرم منهما الحاج وينشئ النية. ولأهل كل قطر ميقاتهم، ولا يجوز لمريد النسك بالإجماع أن يجاوز الميقات إلا محرماً بحج أو عمرة إلا وجب عليه دم أو العودة إليه فإن قدم الإحرام على الميقات جاز بالاتفاق. وأهل الآفاق هم الذين منازلهم خارج المواقيت التي وقتت لهم، ولمن مر عليها من غيرهم، وميقات من كان بمكة مكياً أو آفاقياً: الحرم، وميقات أهل الحل: دويرة أهلهم أو من حيث شاؤوا من الحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم. أما أهل الآفاق: فميقات أهل المدينة: ذو الحليفة وتعرف اليوم بآبار علي وتبعد عن المدينة ٩ كم وعن مكة المكرمة ٤٥٠ كم وميقات أهل الشام ومصر والمغرب: الجحفة وهي بعد قرية رابغ بقليل في طريق الذاهب إلى مكة عن طريق تبوك، وتبعد عن مكة ٢٠٤ كم.
وميقات أهل العراق وغيرهم من أهل المشرق: ذات عرق وهي موضع في الشمال الشرقي من مكة وتبعد عنها ٥٤ كم. وميقات أهل اليمن: يلملم وهو جبل جنوبي مكة يبعد عنها ٤٥ كم. وميقات أهل نجد والكويت: قرن المنازل، وتقع شرقي مكة وتبعد عنها ٥٤ كم. ومن تجاوز الميقات دون إحرام وجب عليه الدم لكن إن عاد إليه قبل تلبسه بنسك سقط عنه الدم عند الصاحبين والشافعية والحنابلة. وقال أبو حنيفة: إن عاد إلى الميقات ولبى سقط عنه الدم وإن لم يلب لا يسقط.
وبما أن أهل الشام الآن يمرون بميقات أهل المدينة وبالجحفة، فيخيرون بالإحرام منهما، لأن الواجب على من مر بميقاتين ألا يتجاوز أخرهما إلا محرماً، ومن الأول أفضل.