للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الفداء: فقد أجازه المالكية، وأجازه الشافعية على مال أو أسرى من المسلمين في أيدي الأعداء بعد تعويض الغانمين عنهم من سهم المصالح، ولم يجز الحنفية والحنابلة الفداء بالسبي، لا على مال ولا على أسرى من المسلمين في أيدي قومهم.

حكم الأسرى: اتفق الفقهاء على أن لولي الأمر أن يفعل بالنسبة للأسرى ما يراه الأوفق لمصلحة المسلمين، ويختار أحد أمور حددها كل واحد من أصحاب المذاهب بما هداه إليه اجتهاده؛ فمذهب الحنفية: أن ولي الأمر مخير في الأسرى بين أمور ثلاثة: إما القتل وإما الاسترقاق وإما تركهم أحراراً ذمة للمسلمين إلا مشركي العرب والمرتدين، ويجوز باتفاق الحنفية المن على الأسرى تبعاً للأراضي، كيلا يُشغَل الفاتحون بالزراعة عن الجهاد، ومذهب الشافعية والحنابلة: أن الإمام أو من استنابه يفعل ما هو الأصلح والأحفظ للإسلام والمسلمين، يفعل ذلك بالاجتهاد لا بالتشهي.

فخلاصة مذهب الحنفية في الأسرى: أن الإمام مخير بين القتل والاسترقاق استدلالاً بواقعة بني قريظة وبقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} (١) وأن ذلك لا يكون إلا لمن كان مأسوراً أما غير الأسير فلا تتحكم بقتله فدل ذلك على جاز قتله. واعتبروا قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (٢) منسوخاً بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} (٣) لكن أجازوا المفاداة بالمال أو الأسرى عند الحاجة (٤).

وخلاصة مذهب الشافعي وأحمد: أن الإمام مخير بين القتل والاسترقاق والفداء بالمال أو الأسرى أو المن (٥) والأدلة في ذلك كثيرة سترد في عرض النصوص.

ورأي المالكية: أن الإمام مخير بخمسة أمور: الأربعة المذكورة، والجزية (٦).


(١) سورة الأنفال آية: ١٢.
(٢) سورة محمد آية: ٤.
(٣) سورة التوبة آية: ٣٦.
(٤) انظر حاشية ابن عابدين ٤/ ١٣٩.
(٥) انظر الأحكام السلطانية للماوردي ص ١٣١.
(٦) انظر الفقه الإسلامي ٦/ ٤٦٩ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>