للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مقدمة]

- لمكة والمدينة حرمة خاصة فبهما الحرمان الشريفان اللذان لهما أحكام خاصة، وفي مكة والمدينة المسجدان الشريفان اللذان يأتي بعدهما في الشرف المسجد الأقصى ويأتي بعد هذه المساجد الثلاث في الفضيلة مسجد قباء، فهذه المناطق وهذه المساجد لها فضلها وحرمتها وشرفها ولها أحكامها وخصوصياتها، وفي موضوع المناسك هناك حرم وإحرام ومواقيت.

ومن أحكام الحرم المكي حرمة الصيد فيه، وحرمة قطع حشيشه وشجره إلا ما استثني، وحرمة دخوله لمن كان خارجه وليس من أهله إلا بإحرام على رأي أكثر الفقهاء، ومن أحكامه حرمة حمل السلاح فيه إلا لضرورة، وحرمة الإلحاد فيه (١) والاعتداء فيه وحرمة القتال فيه، ووجوب إعطاء الأمن لكل من دخله على خلاف في الطريقة التي يعامل بها من جنى خارجه أما الجاني فيه فلا خلاف في أنه يؤاخذ على جنايته.

وقد دعل الله عز وجل بيته فيه وفرض على الخلق أن يحجوا إلى بيته ويعظموه، وجعل في زمزم بجانب البيت بركة، وجعل للصلاة في المسجد الحرام ميزة خاصة، كما جعل في الحرم بركة لأهله، تأتيهم الخيرات من كل مكان، وجعل للقائمين بحقوقه من أهله وغيرهم منافع دنيوية وأخروية.

والقول الراجح أن أفضل مكان في العالم هو مكة، والمدينة تشارك مكة في أنها حرم لا يقطع حشيشها وشجرها إلا ما استثنى ولا يجوز الصيد في حرمها، وقد جعل الله عز وجل فيها بركة وفيها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي له شرفه الخاص وللصلاة فيه أجر لا يزيد عليه فيه أي مسجد إلا المسجد الحرام وفيها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثواه وقد جعل الله عز وجل في تربتها شفاء وجعل للمعتدي عليها وللمسيء فيها خزياً وندامة.

وكما أن لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضله وحرمته فإن لمسجد قباء في المدينة المنورة فضله وحرمته إذا كان المسجد الأقصى ثالث الحرمين في الحرمة والفضل فإن هذا كله جعلنا نعقد الفصول التالية في هذا الباب:

الفصل الأول: في فضل مكة. شرّفها الله- وفي بعض معالمها.


(١) من قوله تعالى {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وهو: العدول عن القصد والاستقامة بأن يريد فيه مراداً منحرفاً ويهم بأمر فظيع من المعاصي والكبائر ظالماً عامداً غير متأول ولا مضطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>