من المعروف أنه متى دخل الإنسان في الحج أو في العمرة أو في كليهما فقد حَرُمت عليه أشياء، وهي التي تسمى بمحظورات الإحرام، والشيء الذي يحرم بالإحرام لا يحل للإنسان إلا بالتحلل، والتحلل بالنسبة للمعتمر يكون بالحلق فإن لم يكن قارناً فقد حل له كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام، أما الحاج فالتحلل في حقه على ضربين: تحلل أصغر وبه يحِل للحاج كل شيء إلا النساء، وذلك يكون بعد الحلق يوم النحر وقبل طواف الإفاضة فيصح له أن يلبس المخيط وأن يتطيب وأن يقص أظافره، لكن لا يصح له أن يجامع زوجته أو يباشرها فإذا طاف طواف الزيارة حل له ما حرم عليه بسبب الإحرام، وذلك هو التحلل الأكبر.
وقد نص ملا علي القاري في كتابه "مناسك الحج" على أن المحرم يتحلل بأن يحلق لنفسه أو يحلق له غيره فذلك سواء.
وهذا بيان لبعض آراء الفقهاء فيما يخص الحلق والتقصير:
- حكم الحلق والتقصير: الجمهور على أن الحلق أو التقصير نسك واجب، ورأي الشافعية: أن الحلق أو التقصير ركن في الحج والعمرة، لأنه نسك على المشهور، ولا حلق على المرأة بالاتفاق، وإنما عليها التقصير، فهو سنة المرأة، وتقصيرها بأن تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة، وليس على الحاج عند الحنفية إذا حلق أن يأخذ شيئاً من لحيته، لأن الواجب حلق الرأس بالنص. وقال الشافعية: يسن أن يأخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئاً، ليكون قد وضع من شعره شيئاً لله تعالى، والأصلع الذي لا شعر على رأسه يجب عند الحنفية أن يُمِرَّ الموسي على رأسه، ويستحب عند الجمهور إمرار الموسي على رأس الأصلع.
- مقدار الواجب: الأفضل حلق جميع الرأس بالاتفاق، والرأس يقع على جميعه، فإن حلق بعض الرأس لم يجزه عند الحنفية أقل من الربع، وإن حلق ربع الرأس أجزأه مع الكراهة، والكراهة لترك المسنون. وأما تقدير التقصير: فهو عند المالكية والحنابلة بقدر الأنملة أو أزيد أو أنقص بيسير، وأوجب الحنفية ما يزيد على قدر الأنملة، حتى يحقق