للفقهاء رأيان في عدد خطب الحج: أما الرأي الأول: فهو للحنفية والمالكية والحنابلة أن الخطب ثلاثة: الخطبة الأولى: في السابع من ذي الحجة. تسن هذه الخطبة في مكة عند الكعبة في سابع ذي الحجة بعد صلاة الظهر، وهي أول الخطب، يعلمهم فيها الإمام مناسك الحج، وهي خطبة واحدة لا جلوس فيها، وكون هذه الخطبة هي الأولى هو مذهب الجمهور، واعتبر عند الحنابلة خطبة يوم عرفة في الأولى، وإذا كان يوم التروية يوم الجمعة، خرج بهم الإمام عند الشافعية قبل الفجر، لأن السفر يومها بعد الفجر وقبل الزوال حرام، وإذا كان يوم عرفة يوم جمعة، جاز خروج الحجاج بعد الفجر، وجاز الخروج مطلقاً يوم التروية وغيره عند الحنابلة، سواء قبل الفجر أو قبل الزوال.
الخطبة الثانية يوم عرفة: وهي خطبتان خفيفتان بعرفات قبل الصلاة اتفاقاً يجلس بينهما الخطيب كما في الجمعة، يعلمهم في الأولى المناسك من موضع الوقوف بعرفة ووقته، والدفع من عرفات، ومبيتهم في المزدلفة، وأخذ الحصى لرمي الجمار ويحثهم على إكثار الذكر والدعاء بالموقف، وقال المالكية والشافعية: يبدأ المؤذن والإمام يخطب أو بعد فراغه من الخطبة، ويفرغ من الخطبة الثانية مع فراغ المؤذن، وقال الحنابلة: يأمر الإمام بالأذان بعد الخطبة، ثم يصلي الإمام بالناس الظهر والعصر قصراً وجمع تقديم، اتباعاً للسنة.
الخطبة الثالثة: عند الشافعية، وهي الثانية عند الحنابلة: يوم النحر (العيد) بمنى: وهي خطبة واحدة، يعلِّم الإمام فيها الناس مناسكهم من النحر والإفاضة والرمي، ولأن يوم النحر تكثر فيه أفعال الحج، ويحتاج الناس إلى تعلم أحكام ذلك فكانت الخطبة محتاجاً إليها؛ لأجل هذا الغرض، كيوم عرفة، والخطبة الثالثة عند الجمهور: وهي الرابعة عند الشافعية: ثاني أيام منى، وهي خطبة واحدة متفق عليها، يعلم الإمام فيها الناس حكم التعجيل والتأخير وتوديعهم.
[البدائع (٢/ ١٥١)، والدر المختار (٢/ ٢٣٦)، الشرح الصغير (٢/ ٥٤)، مغني المحتاج ٠١/ ٤٩٥)، المغني (٣/ ٤٠٧ و ٤٤٥ فما بعد)، الفقه الإسلامي (٣/ ٢١٢)].