- من أهم ما ينبغي أن يركز عليه في إحياء رسالة المسجد حلقات العلم والذكر، وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والأصحاب رضي الله عنهم منارات كثيرة في هذا الشأن فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة ويتخول أصحابه بالموعظة، وكان تعليم القرآن وتحفيظه قائمين على قدم وساق في المسجد وخارج المسجد، وكان بعض الصحابة يلازمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذوا عنه مع القرآن السنة والحكمة والعلم والفقه، وكانوا أحياناً يتناوبون فيعلم الحاضر الغائب ثم يحضر الثاني ويغيب الأول فيعلمه بكل جديد ومن سنن الصحابة تقسيم الناس إلى حلقات، على كل حلقة عريف يعلمهم القرآن، وللجميع مرجع يرجعون إليه أو هو يطوف عليهم فيقعد مع كل حلقة ليختبر ويفيد، وفي التاريخ الإسلامي وجدت حلقات الوعظ، والحلقات الروحية، والدروس التخصصية كما وجدت المساجد المتخصصة، فهذا مسجد للفقه، وهذا مسجد للحديث، ولقد رأينا من سنن الأشياخ الذين عاصرناهم ما هو إحياء أو استمرار لما كان عليه السلف فلقد كان بعض الأشياخ يقيم حلقة يومية صباحاً للفقه كأصل، ويقرأ معه غيره أحياناً، كما أن له حلقة يومية بين المغرب والعشاء- ما عدا ليلة الجمعة- يدرس في يوم منها الحديث الشريف، وفي يوم السيرة النبوية ويخصص يومين للفقه، ويومين للتفسير، وكان بعض الأشياخ له جلسة يومية لقراءة الفقه، ويقرأ في آخر الجلسة التفسير، وكان لبعضهم حلقة يومية للفقه بعد العصر، وكان لبعضهم حلقة للفقه صباح كل جمعة، وحلقتن بعد صلاة العشاء كل أسبوع وكان لبعضهم حلقات يومية بعد صلاة الفجر، وكان بعضهم يتخصص لتعليم القرآن وتحفيظه، وكان بعضهم يتخصص لتعليم العربية وبعضهم يتخصص في علم من العلوم، وكان لبعضهم ترتيبات يوزع تلاميذه على حلقات صغيرة بعد المغرب مباشرة ثم يجتمع الجميع على درسه بعد ذلك، وكان بعضهم يقيم المدارس والمعاهد التي تدرس كل العلوم الشرعية وبعض العلوم الكونية، وكان بعضهم يقيم جلسة روحية يخصصها للأذكار المأثورة في الأسبوع مرة، ويقيم درساً جامعاً واعظاً في الأسبوع مرة واحدة، ومع هذا وهذا كان يوزع التلاميذ على حلقات خاصة، لكل حلقة عريف، ويأخذ من كل إنسان الوقت الذي يناسبه، ومع الحلقات الخاصة في المسجد،