للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الإمام مالك فيرى أن أمر القسمة موكول إلى نظر الإمام ومصروف في مصالح المسلمين (١).

[٢ - أثر الحرب في أشخاص العدو وأساراه وسباياه]

الأسارى والسبى: لاشك أنه جد جديد في عصرنا ينبغي أن يلاحظ في موضوع الأسارى والسبي، وفي الأصل فإن الأمير وُضِعَ أمام خيارات متعددة في شأن الأسارى والسبي، فالأمير في عصرنا يستطيع أن يختار من الاجتهادات ما يناسب المصلحة والعصر، كأن يعفو أو يفادي مثلاً، وها نحن ننقل شيئاً من كلام الفقهاء لنرى سعة الاجتهادات التي يمكن أن يتخير منها الأمير.

الأسرى: هم الرجال المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياء. والسبي: هم النساء والأطفال.

حكم السبي: يعرف حكم السبي ببحث الأحوال التي قد يتعرضون لها وهي: القتل والاسترقاق، والمن والفداء، أما القتل بعد الأسر فلا يجوز للنساء والذراري أي الأولاد باتفاق العلماء سواء أكانوا من أهل الكتاب، أو من قوم ليس لهم كتاب، فإن اشترك النساء والأولاد في القتال مع قومهم بالفعل، أو بالرأي، جاز قتلهم في أثناء القتال وبعد الأسر عند جمهور الأئمة لوجود العلة في قتل الأعداء وهي المقاتلة. خالف الحنفية في حالة القتل بعد الأسر، فلم يجيزوا قتل المرأة والصبي والمعتوه الذي لا يعقل، لأن القتل بعد الأسر بطريق العقوبة، وهم ليسوا من أهل العقوبة، وأما الرق: فإنه إذا لم يجز قتل السبي بعد الأسر، فإن المالكية يرون أن الإمام يخير حينئذ بين الاسترقاق والمن والفداء في شأن السبايا، وقال الحنفية: يسترقهم الإمام، سواء أكانوا من العرب أم من العجم، وقال الشافعية والحنابلة: يصيرون أرقاء بنفس السبي ويقسمون مع الغنائم، وأما المن: فقد أجاز المالكية أن يمن الإمام على السبي بإطلاق سراحهم إلى بلادهم بدون مقابل. وكذلك أجاز الشافعية والحنابلة لولي الأمر المنَّ على السبي ولكن بشرط استطابة أنفس الغانمين. ولم يجز الحنفية المن مطلقاً.


(١) البدائع ٤/ ١١٤ فما بعد فتح القدير ٥/ ٤٩٢ فما بعد، مغني المحتاج ٣/ ٩٢ فما بعد، المغني ٨/ ٤٠٢، والفقه الإسلامي ٦/ ٤٥٢ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>