للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

من رحمة الله تعالى بهذه الإنسانية أن جعل الدين الذي كلفها به هو الإسلام الذي بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم كاملاً، ومن كماله أنه رفع فيه الحرج وجعل فيه اليسر، ومن كماله أنه جعله مراعياً لفطرة الإنسان بحيث أعطى لهذه الفطرة ما يمكن أن تتطلع إليه من تطلعات صحيحة سليمة، ومن كماله أنه دين واقعي جعل للأوضاع الأصلية أحكامها وللأوضاع الاستثنائية أحكامها، وراعى الحالات الطارئة التي يمكن أن تطرأ على الإنسان فأعطاها أحكاماً تناسبها دون أن يخل ذلك بما أراده الله عز وجل لهذا الإنسان بهذا الدين من عبادة وعبودية واستسلام لله وتسليم، وأبرز ما تظهر فيه هذه المعاني جميعها في موضوع الصلاة ما نجده في فقرات هذا الباب.

فمما يعرض للإنسان: المرض قد يلازمه أحياناً، وهناك نوع من الأمراض يتعذر على الإنسان فيها أن يقيم الصلاة كما يقيمها في الأوضاع العادية، فراعى الشارع ذلك، وخفف على الإنسان بعض الأحكام، ومما يطرأ على حياة الإنسان السفر وبعض الناس يضطرون للأسفار الطويلة، فالسفر فيه مشقة، وقد لا يتاح للإنسان فيه ما يتاح له وهو مقيم، ولذلك كان للسفر أحكامه، وتمر على الإنسان حالات يدخل بها في دائرة الخطر، كأن يدخل في قتال أو يكون معرضاً في بعض الصور من الاحتياج لو أنه أدى الصلاة المعهودة ما هي، ولذلك فقد جعل الله عز وجل لحالات الخوف أحكاماً خاصة، ولذلك عقدنا هذا الباب الذي نتحدث فيه عن صلاة المسافر وصلاة المريض وصلاة الخوف، وقد مرت معنا بمناسبات أخرى بعض الأحكام التي ترتبط بمثل هذه الشؤون، ففي أبحاث الطهارة كلام عما يؤثر على الأحكام الأصلية بسبب سفر أو مرض أو خوف، وفي بحث أوقات الصلاة مر معنا بعض الأحكام الاستثنائية المتعلقة بهذه الأوضاع الطارئة، وها هنا نكمل الحديث عن هذه الأشياء وما تتأثر به الصلاة بسببها، وبين صلاة الخوف والسفر ارتباط يظهر ذلك في أن الحديث عنهما جاء في سياق واحد في سورة النساء، كما أن بعض النصوص ربطت بين السفر والمرض بأن ذكرتهما في سياق واحد، ولذلك جعلنا فقرات هذا الباب مع بعضها، مع أن هناك أوضاعاً طارئة أخرى تؤثر على الأحكام العادية للصلاة،

<<  <  ج: ص:  >  >>