شرع للمسلم أن يتبع الأمر ويترك النهي، وفي الأمور المباحة التي تتردد المصلحة فيها حاضراً أو مستقبلاً أن يستخير وأن يستشير، فالاستخارة لله والاستشارة لأهل الله ممن اجتمع لهم إمامة ومعرفة وخبرة في الأمور التي يستشارون بها، تجعلان المسلم أقرب إلى الإصابة وأجدر بالصواب فهو بالاستخارة يعرض نفسه لرحمات الله ومعونته، وبالاستشارة تجتمع له قوة إلى قوة في الرأي.
والاستخارة شرعت بالسنة النبوية، وهي البديل المحكم لما كان عليه أهل الجاهلية من تطيير الطيور فإذا تيامنت أقدموا وإذا تياسرت أحجموا، كما أنها البديل المحكم لما يفعله الجهلة، إذ يستأنسون للإقدام والإحجام بأعمال غير معقولة ولا مشروعة، فشرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستخارة. وأي شيء أعظم من أن تلقي أمرك لله وتطلب من الله أن يختار لك.
والاستخارة صلاة ركعتين فدعاء كما سنرى، ثم بعد ذلك ينتظر المسلم ما ينشرح له صدره، فالعبرة في الاستخارة لانشراح الصدر والتيسير.
وقد يحس الإنسان بالانشراح بعد الاستخارة مباشرة، وقد يرى بعد الاستخارة رؤيا يستأنس بها عن المراد. ففي الحديث الثابت:"ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة للرجل الصالح يراها أو ترى له".
وإذا لم يتبين للإنسان شيء من الاستخارة الأولى يكرر الاستخارة، وقد استحب بعض الفقهاء تكرارها إلى سبع، وبنوا ذلك على رواية ذكرها ابن السني، ثم إن السبعة عدد مبارك فالسموات سبع، والأرضون سبع والطواف سبع ورمي الجمار سبع وأيام الأسبوع