ثبتت صلاة الخوف في الكتاب والسنة، وصح أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في أربعة مواضع في غزوة ذات الرقاع وبطن نخل وذي قرد وعسفان، وقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين مرة، وصلاها الصحابة من بعده عليه الصلاة والسلام.
وجمهور الفقهاء على أن الكيفيات التي صلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تطبيقاً لآيات سورة النساء مشروعة بعده عليه الصلاة والسلام إلا ما كان من أبي يوسف كما رأينا.
صلاة الخوف التي وردت في سورة النساء وتطبيقاتها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم سببها الخوف من هجوم العدو وذلك لا يتحقق إلا في حالة حضور العدو.
وصلاة الخوف كما وردت في سورة البقرة لا تختص بحالة القتال بل تجوز في كل خوف: كهرب من سيل أو حريق أو سبع أو جمل أو كلب ضار أو صائل أو لص أو حية ونحو ذلك ولم يجد معدلاً عنه سواء في ذلك السفر والحضر والبحر والبر، ومع أن أكثر الفقهاء على جواز صلاة الخوف كما وردت في سورة النساء وعلى جواز صلاتها بالكيفيات التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اتفقوا على أنه يجوز للجيش أن يصلوا بإمامين، كل طائفة بإمام بدلاً من صلاة الخوف بإمام واحد كما ورد في آيات النساء، واتفق الفقهاء على أنه في اشتداد الخوف وتعذر الجماعة يجوز للجنود تطبيقاً لآية البقرة أن يصلوا فرادى وركباناً وراجلين، في مواقعهم وخنادقهم يومئون إيماء بالركوع والسجود إلى أي جهة فرضها عليهم القتال إلى القبلة أو إلى غيرها، وإن قدروا أن يبدؤوا بتكبيرة الإحرام وهم متوجهون إلى القبلة ثم يتوجهون حيث فرض عليهم القتال أن يتوجهوا يكون أحسن.
أما صلاة الخوف كما وردت في سورة النساء فقد جاءت الأخبار بأنها على ستة عشر نوعاً، في صحيح مسلم بعضها ومعظمها في سنن أبي داود وفي صحيح ابن حبان منها تسعة، ففي كل مرة كان صلى الله عليه وسلم يفعل ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة، والمشهور من ذلك سبع كيفيات واختار الجمهور منها أقواها وأصحها لديهم وأجازها كلها الإمام أحمد.
وإذ كانت هذه الكيفيات في حروب عصرنا غير عملية في الغالب فسنكتفي أثناء عرض