للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الأول

في

فضل العلم بدين الله

قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (١).

{كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (٢) قال ابن عباس: كونوا عُلماء فُقهاء.

وقيل: سُمي العلماء ربانيين، لأنهم يرُبُّون العلم، أي: يقومون به، يُقال لكل منْ قام بإصلاح شيءٍ وإتمامه: قد ربَّه، يرُبُّه، فهو رَبٌّ له.

وقيل: سُموا الربانيين، لأنهم يُرَبُّون المتعلمين بصغار العلُوم قَبْلَ كبارها.

وقيل: الربانيون: العلماء بالحلال والحرام.

وقال الله سبحانه وتعالى إخباراً عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (٣)، يُقْتَدى بهُداك وبسُنَّتكَ.

وقال مالكٌ: الحكمةُ: الفقهُ في دين الله، وقال العلْمُ: الحكمةُ، ونورٌ يهدي الله به من يشاءُ، وليس بكثرة المسائل. شرح السنة ١/ ١٨٣ - ١٨٤.

١٣ - * روى البخاري ومسلم عن حميد [بن عبد الرحمن بن عوف الزهري] قال: سمعتُ معاوية وهو يخطبُ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ "مَن يُرد الله به خيراً يُفقههُ في الدين، وإنما أنا قاسمٌ، ويُعطي اللهُ، ولن يزال أمرُ هذه الأمة مستقيماً


(١) التوبة: ١٢٢.
(٢) آل عمران: ٧٩.
(٣) البقرة: ١٢٤.
١٣ - البخاري (١/ ١٦٤) ٣ - كتاب العلم، ١٣ - باب من يرد الله ب خيراً يفقهه في الدين.
مسلم (٢/ ٧١٩) ١٢ - كتاب الزكاة، ٣٣ - باب النهي عن المسألة.
(يفقهه في الدين) الفقه: الفهم والدراية، والعلم في الأصل، وقد جعله العُرف خاصاً بعلم الشريعة، وخاصة بعلم الفروع، فإذا قيل: فقيه، علم أنه العالم بعلوم الشرع، وإن كان كل عالم بعلم فقيهاً، يقال: فَقِه الرجل - بالكسر-: إذا لم، وفقُه - بالضم - إذا صار فقيهاً، وتفقَّه: إذا تعاطى ذلك، وفقَّهه الله، أي: عرَّفه وبصَّره.

<<  <  ج: ص:  >  >>