للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم الهدنة: يترتب على المصالحة إنهاء الحرب بين المتحاربين ويأمن الأعداء على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم.

صفة عقد الهدنة: قرر الجمهور أن الهدنة عقد لازم لا يجوز نقضه إلا إذا وجدت خيانة أو غدر من العدو، بقيام أمارات تدل عليه، وإن لم توجد فيجب الوفاء لهم بالعهد.

ما ينتقض به عقد الهدنة: قال الحنفية: إذا كانت الهدنة مؤقتة ينتهي العقد بانتهاء المدة المحددة دون حاجة إلى النبذ، وقال الجمهور: تنتقض الهدنة إذا نقضها العدو بقتال أو بمناصرة عدو آخر أو قتل مسلم أو أخذ مال، أو بسب الله تعالى أو القرآن الكريم أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو التجسس على المسلمين، أو الزنا بمسلمة ونحوها.

مدة الهدنة: اتفق الفقهاء على إن عقد الصلح مع العدو لابد من أن يكون مقدراً بمدة معينة، فلا تصلح المهادنة إلى الأبد من غير تقدير بمدة وإنما هي عقد مؤقت لأن الصلح الدائم يفضي إلى ترك الجهاد ومع هذا الاتفاق فإنهم اختلفوا في المدة التي تجوز بها الهدنة فقال الشافعية: إذا كان بالمسلمين قوة فتجوز الهدنة لمدة أربعة أشهر فما فوقها إلى ما دون سنة في الأظهر، فإن كان بالمسلمين ضعف فتجوز لعشر سنين فقط فما دونه بحسب الحاجة لأن هذا غاية مدة الهدنة، لأنه صلى الله عليه وسلم هادن قريشاً في الحديبية هذه المدة على المعتمد. فإن لم يقو المسلمون طوال تلك المدة فلا بأس أن يجدد الإمام مدة مثلها أو دونها على رجاء أن يقوموا، وإذا انقضت المدة والحاجة باقية استؤنف العقد وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد. وقال الحنفية والمالكية: ليس للهدنة مدة معينة وإنما تقدير المدة راجع إلى اجتهاد الإمام قدر الحاجة، لأن المهادنة عقد جاز لمدة عشر سنين فتجوز الزيادة عليها كعقد الإجارة (١).

الذمة والجزية: إن من صور انتهاء الحرب بين المسلمين وغيرهم صورة قبول الكافين باعطاء الجزية والدخول في ذمة المسلمين على شروط متفق عليها أو على شروط يمليها أمير المسلمين. والجزية: هي رمز الخضوع للإسلام والمسلمين وهي لا توضع إلا على من يستطيع القتال بالقوة أو بالفعل فلا توضع على غيرهم، وتسقط عنهم إذا شاركوا المسلمين في قتالهم أو لم يستطع المسلمون أن يحموهم، وهي تشبه في عصرنا البدل العسكري عن الخدمة الإجبارية من وجه ما.


(١) انظر البدائع ٧/ ١٠٨ - ١٠٩، وفتح القدير ٥/ ٤٥٥ فما بعد، والمغني ٨/ ٤٥٩ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>