وإذا تجاوز الإنسان الميقات بنية الإقامة في مكان غير الحرم جاز له ذلك، ومن حاذى الميقات: كأن سلك طريقاً في بر أو بحر أو جو بين ميقاتين فإنه يجتهد حتى يكون إحرامه بحذو الميقات الذي هو إلى طريقه أقرب ويحرم من محاذاة أقرب الميقاتين إليه، وإن كان الآخر أبعد إلى مكة فإن استويا فيه إليه، أحرم من محاذاة أبعدهما من مكة. وإن لم يعرف حذو الميقات المقارب لطريقه، احتاط فأحرم من بعد بحيث يتيقن أنه لم يجاوز الميقات إلا محرماً، لأن الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه لا يجوز فالاحتياط فعل ما لا شك فيه. وإن لم يحاذ ميقاتاً مما سبق، أحرم على مرحلتين ٨٩ كم من مكة، إذ لا ميقات أقل مسافة من هذا القدر. ويستحب عند الجمهور لكل داخل إلى مكة لا يتكرر دخوله الإحرام، ويكره الدخول بغير إحرام، فمن دخل مكة لحاجة لا تتكرر كالتجارة والزيارة وعيادة المريض فالأصح عند الشافعية أنه يستحب له الإحرام ولا يجب مطلقاً، وقال مالك وأحمد: يلزمه. وقال أبو حنيفة: إن كانت داره في الميقات أو أقرب إلى مكة جاز دخوله بلا إحرام وإلا فلا، وقال جمهور الفقهاء: الإحرام من الميقات أفضل من الإحرام من دويرة أهله لأنه الموافق للأحاديث الصحيحة ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل، وأحرم النبي بحجة الوداع من الميقات بالإجماع، وكذا في عمرة الحديبية.
[انظر:(فتح القدير ٢/ ١٣١ - ١٣٤)(الشرح الصغير ٢/ ١٨ - ٢٥)(المهذب ١/ ٢٠٢ - ٢٠٤)(المغني ٣/ ٢٥٧ فما بعد)(الفقه الإسلامي ٣/ ٦٨)].