للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (١).

ولقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة الخوف سبع صيغ تحقق مقاصدها وقد أخذ بها جميعاً فقهاء الحنابلة لأنها بمجموعها تراعي الظروف التي يمكن أن تواجه المقاتل في عصر النبوة والعصور التي تشابهه في طرق القتال ووسائله.

والمقام الآخر: الذي تحدث عنه القرآن عن صلاة الخوف هو ما ذكره في سورة البقرة، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (٢) أي صلوا مترجلين أو راكبين بالقدر الذي تستطيعون.

ومن تأمل وسائل الحرب في عصرنا وجد أن تطبيق آية البقرة هو الذي يتلاءم مع ظروف الحرب في عصرنا. فالطيران والمدفعية والصواريخ لا تعطي مجالاً في عصرنا لصلاة الخوف كما وردت في سورة النساء، فإذا علمت أن أبا يوسف من فقهاء الحنفية قال: إن صلاة الخوف مشروعة في سورة النساء خاصة بعصر النبوة لأن الخطاب فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي خاصة به ولأن للصلاة وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ميزة وفضلاً وأجراً لا ينالها الإنسان إلا بالصلاة وراءه، أما في غير عصر النبوة وما لم تكن الصلاة وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإمكان أني صلي المسلمون جماعات متعددة، ولم يوافق على اتجاه أبي يوسف بقية الأئمة ولكنا في عصرنا ندرك أهمية هذا القول حيث لا يمكن أن تتحقق صلاة الخوف كما وردت في سورة النساء على أرض الواقع.

فوجود صيغة أخرى لصلاة الخوف في القرآن تسع زماننا، وشمولية النصوص بحيث راعت كل صورة محتملة تواجهها الأمة الإسلامية، واختلاف الأئمة بحيث رأى بعضهم كأبي يوسف خصوصية آيات سورة النساء في عصر النبوة، ووجود بعض الفقهاء الذين قالوا باستمرارية الأحكام التي وردت في سورة النساء بحيث طبقها المسلمون خلال عصور طويلة، حيث كانت وسائل القتال تشبه وسائل القتال في عصر النبوة حتى إذا جاء عصرنا الذي


(١) النساء: ١٠٢.
(٢) البقرة: ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>