للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سالت دموعه على صدره، ثم ركع فبكى ثم سجد فبكى، ثم رفع رأسه فبكى، فلم يزل كذلك حتى جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقلت: يا رسول الله، وما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً، ولم لا أفعل وقد أنزل الله علي هذه الليلة (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) (١) ... الآيات.

فدل ذلك على أن نفي عائشة قيام الليل كله محمول على غالب أوقاته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكذلك خبر عدم الزيادة على إحدى عشرة ركعة محمول على ما هو الأغلب، وإلا فقد ثبت بروايات متعددة الزيادة على ذلك إلى خمس عشرة ركعة. كذا ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم".

وثانياً: [وإن سلمنا] أنه صلى الله عليه وسلم لم يقم ليلة كلها ولا قرأ القرآن في ليلة ولا زاد على إحدى عشرة ركعة- نقول: قد ثبت منه مثله وما يشبهه في التشدد، وهو قيامه حتى تورمت قدماه، وذلك كاف في ارتفاع اسم البدعة عن هذه الاجتهادات، فإن البدعة: ما لا يكون هو ولا مثله في العهد النبوي، وليس بشرط أن يثبت كل جزئي من جزئيات العبادة منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وثالثاً: أنه وإن لم [يتجشم] هذه الاجتهادات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شفقة على أمته، فقد تجشمه من أمرنا رسول الله بالاهتداء بسنتهم والسلوك على مسلكهم، فكيف يكون بدعة؟ كما مر ذكر ذلك.

السادس: أنه قد أجاز النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم العبادة على حسب الطاقة.

٢٠٣٠ - * روى أبو داود عن عائشة قالت: إن رسول الله قال: "اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله


(١) آل عمران: ١٩٠.
٢٠٣٠ - أبو داود (٢/ ٤٨) كتاب الصلاة، ٢٨ - باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>