للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القلوب، أو يكون العبادة عادة لهم وطبعاً كالغذاء للصحيح، فيتلذذون بها بلا إضاعة حق ولا ترك مداومة ولا اعتقاد أنه أفضل مما عليه أفضل البشر أو قاله.

وأما نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فقد بلغ الدرجة العليا من الكمال، وهي أن لا يمنعه عن توجه القلب شيء، لا التكلم مع الخلق ولا الأكل ولا الشرب ولا النوم ولا ملامسة النساء. ويكون الخلطة والعزلة سواء، فاقتصاره على بعض العبادات الظاهرة لكونها أفضل له ولأمته. وتلذذه عليه السلام دائم لا يختص بالعبادة الظاهر، ومما قاله اللكنوي في هذا المقام نقلاً عن كتاب "الحديقة الندية للنابلسي": فالحاصل: أن السلف الماضين اختاروا العزائم في أنفسهم لأنهم أهل الهمم والعزائم، وكانوا معترفين بصحة الرخص الشرعية يفتون بها للعامة، ويحرضونهم على فعلها. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل أحياناً: يأمر بالرخص ويفعل بالعزائم، كما أخبر في قضية صوم الوصال". انتهى كلامه ملخصاً.

ثم قال اللكنوي: وخلاصة المرام في هذا المقام- وهو الذي أختار تبعاً للعلماء الكرام:

أن قيام الليل كله، وقراءة القرآن في يوم وليلة مرة ومرات، وأداء ألف ركعة أو أزيد من ذلك، ونحو ذلك من المجاهدات والرياضات ليس ببدعة، وليس بمنهي عنه في الشرع، بل هو أمر حسن مرغوب إليه، لكن بشروط:

أحدها: أن لا يحصل من ذلك ملال الخاطر، يفوت به التذاذ العبادة وحضور القلب، يؤخذ ذلك من حديث: "ليصل أحدكم نشاطه". أي مدة نشاط خاطره وسرور طبيعته.

وثانيها: أن لا يتحمل بذلك على نفسه مشقة لا يمكن له تحملها بل يكون ذلك مطاقاً له، يؤخذ ذلك من حديث: "عليكم من الأعمال ما تطيقون".

وثالثها: أن لا يفوت بذلك ما هو أهم من ذلك، مثلاً إن كان قيامه بالليل

<<  <  ج: ص:  >  >>