للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القيام بهم معلاً بذلك أيضاً. وقد أمن أن يفعل بعده. أ. هـ (الإعلاء السنن ٧/ ٦٢).

أقول: صلى الرسول صلى الله عليه وسلم ببعض أصحابه جماعة في رمضان أياماً ثم خشي أن تفرض صلاة القيام في رمضان جماعة على المسلمين لرغبتهم وحرصهم، وهو يعلم من سنة الله ما لا نعلم فيعلم من سنة الله أن عباده إذا شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم، ولذلك فقد ترك الخروج حتى لا تفرض صلاة قيام الليل في رمضان على المسلمين جماعة في المسجد، إلا أن المسلمين فهموا من عدم النهي عن صلاة الجماعة في قيام رمضان جوازها، فكانوا يصلونها جماعات متفرقة، وبقي الأمر على ذلك حتى عهد عمر رضي الله عنه، فرأى عمر بثاقب بصره أن العلة التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتابع إمامة الناس في قيام رمضان وهي الخشية من الفرضية قد انتهت بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي، فجمع الناس على إمام واحد وعلى عدد من الركعات محدد، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة الجمع أو العدد، فكان ذلك إجماعاً منهم على جواز ما فعل، وإذ كان بإجماع أهل السنة والجماعة من الخلفاء الراشدين وإذا كانت النصوص تخصه بمزيد شهادة على أن الله أجرى الحق على لسانه، وقد اعتبر علماء المسلمين أن الاقتداء بما فعل على سلامة القلب من الزيغ واعتبروا أن من لا يرى جواز ما فعل مبتدع، فالأصل أن يرى المسلم جواز صلاة التراويح بالعدد الذي جمع عمر المسلمين عليه وهو عشرون ركعة والأصل أن تصلى التراويح في المساجد عشرين ركعة والمسلم بالخيار أن يصلي ما شاء منها مع الإمام، فلو صلى ركعتين أو أكثر أو لو لم يصل شيئاً- على ألا تعطل التراويح في أي مسجد- فلا حرج عليه، ولو صلاها كلها وأخر الوتر وذهب إلى بيته وصلى ما شاء فلا حرج عليه، المهم ألا ينكر على من فعلها فيخالف بذلك إجماعاً ويدخل في دائرة البدعة والمبتدعة الذين يسيئون لأنفسهم ولغيرهم، ويضلون أنفسهم ويضلون غيرهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ولنا عودة على قيام رمضان وصلاة التراويح إن شاء الله تعالى في جزء الصوم، أما ههنا فنكتفي بذكر أقوال المذاهب الأربعة في هذا الشأن.

قال الحنفية: التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسن فيها الجماعة، ووقتها في رمضان بعد صلاة العشاء إلى الفجر قبل الوتر وبعده، وتصلى في أي جزء من الليل ويستحب ألا تؤخر عن نصف الليل، ولا تقضى عندهم إذا فاتت، ومن أراد أن يعوض عما فاته فإنه يصلي بعد ارتفاع الشمس نفلاً مطلقاً، والجماعة فيها في المسجد سنة على الكفاية،

<<  <  ج: ص:  >  >>