بحاجة إلى فتوى تناسب الوضع الذي هو فيه، وعلى أئمة الفتوى أن يقدروا الظروف التي تحيط بالمسلم في مثل هذه الأحوال.
رابعاً: أصبح واضحاً في عصرنا أن الجيش في بلدان العالم الثالث له الكلمة الأخيرة في فرض الأنظمة السياسية، والأنظمة السياسية في عصرنا تتدخل في كل شيء، فإذا صارت في طريق معاد للإسلام فقد تنهي الإسلام في بعض الأقطار إنهاءً تاماً كما حدث في مرحلة من المراحل في ألبانيا مثلاً، ولذلك فإن كثيراً من القوى العالمية والمحلية تتخير للجيش وترصد كل فرد فيه، وبعض هذه الأنظمة معاد للإسلام ويريد استئصاله، وكل من شمت منه رائحة الإسلام سرح أو اغتيل أو اعتقل والمسلمون في هذه الحالة بين خيارين: الخيار الأول أن يدخلوا الجيش على أمل التغيير أو يتركوا الجيش ليبقى الكفر مسيطراً، فلو افترضنا أنه وجد مثل هذا الوضع فالأفضل للمسلمين أن يدخلوا الجيش وأن يتستروا على أنفسهم، وإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات في حق الأفراد فمن باب أولى أنها تبيح المحظورات إذا ترتبت عليها مصلحة الإسلام والمسلمين.
وقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم بعض المكلفين بمهمات قتالية أن يقولوا كلمة الكفر ليحققوا هدفاً كما أن بعض الصحابة صلوا وهم يمشون حتى لا ينكشف أمرهم لمن يريدون قتله وعلى هذا فإذا ما وجدت مثل هذه الظروف التي ذكرناها وهي موجودة في البلدان الإلحادية فإن على أئمة الفتوى أن يفتوا بما يلحظون به مصلحة الإسلام والمسلمين حاضراً ومستقبلاً، ثم إن هناك مهمات أخرى كمهمات التجسس على العدو والتي تقتضي أحياناً فتاوى استثنائية للنجاح فيها، إلا أن هذه الفتاوى الاستثنائية يجب أن تكون من أهلها، ويجب أن يكون أهلها مؤتمنين على أسرار من يستفتيهم، ومن حيث المبدأ نقول: إن هناك حالات تجيز للإنسان ي بعض الظروف أن يتيمم مكتفياً بمسح كفيه ووجهه دون أن يشرك الذراعين حتى لا ينكشف أمره وأن يجمع بين الصلوات الخمس قبل نومه وهو على فراشه يومئ بعينيه إيماءً، إلا أن هذه الفتوى وأمثالها في تكاليف إسلامية كثيرة لا يفتى بها إلا بعد موازنات دقيقة من أهلها، وفي ظروف نرجو أن لا توجد على الأرض الإسلامية، ولكنها في واقع الحال موجودة في بعض البلدان الإسلامية وغيرها.