للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علينا"، وتكشطت المدينة، فجعلت تمطر حولها، ولا تمطر بالمدينة قطرة، فنظرت على المدينة، وإنها لفي مثل الإكليل".

وللبخاري (١) قال: "أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال، يا رسول الله، هلكت المواشي، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون قال: فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا، فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بشق المسافر، ومنع الطريق".

ولأبي داود (٢): قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه حذاء وجهه، فقال: "اللهم اسقنا".

قال التهانوي (٨/ ١٤٧): وفي عمدة القاري: فهذه الأحاديث والآثار كلها تشهد لأبي حنيفة أن الاستسقاء استغفار ودعاء. وأجيب عن الأحاديث التي فيها الصلاة أنه صلى الله عليه وسلم فعلها مرة، وتركها أخرى. وهذا لا يدل على السنية، وإنما يدل على الجواز اهـ. قلت التهانوي فيكون كل من الصلاة والدعاء مستحباً. لأنه صلى الله عليه وسلم لم يواظب على أحد منهما، ولكن الصلاة أحب، لاشتمالها على الدعاء وغيره اهـ.

وعبارات البخاري تشير إلى إمكانية طي صلاة الاستسقاء بصلاة الجمعة فلقد ترجم البخاري في كتابه ٢/ ٥٠٧ هذه الترجمة:

(الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة) كما ترجمه في مكان آخر (٢/ ٥٠١) بقوله:


(قحوط): المطر: احتباسه وتأخره. يقال: قحط المطر وقحط- بالفتح والكسر- وأقحط القوم: إذا أصابهم القحط، وهو الجدب، وقحطوا على ما لم يسم فاعله.
(تكشطت عن المدينة) الكشط والقشط واحد، وهو قلع الشيء وإزالته والمراد: انكشاف الغيم عن المدينة.
(بشق) المسافر- بالباء الموحدة- أي: اشتد عليه السفر من كثرة الوحل.
(الإكليل): ما أطاف بالرأس: من عصابة مزينة بجوهر أو خرز ونحوه، أراد: أن الغيم تقطع عن وسط السماء، وصار في آفاقها كالإكليل، وكل شيء أحدق بشيء وأطاف به فهو إكليل له.
(١) البخاري (٢/ ٥١٦) ١٥ - كتاب الاستسقاء، ٢١ - باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء.
(٢) أبو داود (١/ ٣٠٥) كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الاستسقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>