للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فخل سبيله، وإلا فاقطعْ يديه ورجليه واسمر عينيه واصلبه. قال: فشهدوا عند الحكم أني مجنون فخلى عني، قال المعلى عن يزيد الضبي: مات أخ لنا فتبعنا جنازته فصلنيا عليه فلما دفن تنحيت في عصابة فذكرنا الله وذكرنا معادنا فإنا كذلك إذ رأينا نواصيَ الخيل والحِرابَ فلما رآه أصحابي قاموا وتركوني وحدي فجاء الحكُم حتى وقف عليَّ فقال: ما كنتم تصنعون قلتُ: أصلح الله الأمير مات صاحبٌ لنا فصلينا عليه ودفناه وقعدنا نذكر ربنا ونذكر معادنا ونذكر ما صار إليه، قال: ما منعك أن تفِّرَ كما فروا. قلتُ: أصلح الله الأمير أنا أبرأُ من ذل من ذلك ساحة وآمنُ الأمير أن أفر! َ قال: فسكت الحكم، فقال عبد الملك بن المهلب وكان على شرطته تدري من هذا؟ قال من هذا؟ قال: هذا المتكلم يوم الجمعة قال: فغضب الحكم وقال: أما إنك لجريء خذاه، قال: فأخذت فضربني أربعمائة سوط فما دريتُ متى تركني من شدة ما ضربني قال: وبعثني إلى واسط فكنت في ديماس الحجاج حتى مات الحجاجُ.

أقول: في هذه القصة نموذج على ظلمٍ كان يستجيز معه أنس بن مالك والحسن البصري ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكما أن في هذه القصة نموذجاً على من يبذل نفسه ويتحمل الأذى لقوله حقٍّ حتى يقولها عند سلطان جائر وهو بذلك مأجور ومبرور، ولو قتل كان من سادة الشهداء فالأخذ بالعزيمة في ذا المقام هو الأرقى والأخذ بالرخصة جائز، وقد نص فقهاء الحنفية أن من أمر بمعروفٍ أو نهى عن منكرٍ فقُتل فهو شهيد مأجور، ولو لم يتغير المنكر أو يتحقق المعروف.

وينبغي أن يوجد بين المسلمين من يقوم بفرض الكفاية، حتى يسقط الإثم عن المسلمين وإذا تعين إنسان بذلك وجب عليه، وعلى المسلمين أن يفتشوا عن الطريق الأقوم لإقامة فروض الكفايات.

٢١٠ - * روى الطبراني عن أبي جعفر الخَطْميِّ أن جده عُمير بن حبيب بن حماشة وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم عند احتلامه، أوصى ولده فقال: يا بُنيَّ إياك ومجالسة السفهاء فإن مجالستهم داءٌ، ومن يحلُمْ عن السفيه يُسَرَّ ومن يجبْه يندمْ ومن لا يرضى بالقليل مما يأتي به السفيهُ يرضى بالكثير (١)، وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر


= (ديماس): بالفتح والكسر وهو السرداب المظلم والمراد به سجن الحجاج.
٢١٠ - مجمع الزوائد (٨/ ٦٤) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>