للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن من أعجب ما يحقق الإعجاز أن معاني هذا الكتاب الكريم لو ألبست ألفاظاً أخرى من نفس العربية، ما جاءت في نمطها وسمتها والإبلاغ عن ذات المعنى لا في حكم الترجمة، ولو تولى ذلك أبلغ بلغائها ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً؛ فقد ضاقت اللغة عنده على سعتها، حتى ليس فيها لمعانيه غير ألفاظه بأعيانها وتركيبها. ثم تحدث عن غرابة أوضاعه التركيبية:

وذلك أنك حين تنظر في تركيبه لا ترى كيفما أخذت عينُك منه إلا وضعاً غريباً في تأليف الكلمات، وفي مساق العبارة، وبحيث تبادرك غرابته من نفسها وطابعها بما تقطع أن هذا الوضع وهذا التركيب ليس في طبع الإنسان، ولا يمكن أن يتهيأ له ابتداء واختراعاً دون تقديره على وضع يشبهه، أو احتذاء لبعض أمثلة تقابله، لا تحتاج في ذلك إلى اعتبار ولا مقايسةٍ، وليس إلا أن تنظر فتعلم ... ص ٢٤٩.

ويتحدث عن الطريقة النفسية في الطريقة اللسانية: فليس إلا أن تقرأ الآية على العربي أو مَنْ هو في حكمة لغة وبلاغة حتى تذهب نفسه مذهبها لا تني ولا تتخلف ... اهـ ص ٢٦٢.

وهكذا يعرض لنا الرافعي طرفاً من إعجاز القرآن.

وقد شعر كل قارئ عجز الباحثين والمتكلمين عن الوفاء بحق الإعجاز فكان ذلك مظهراً آخر من مظاهر الإعجاز فلا نطيل أكثر من ذلك.

ثالثاً: معجزات القرآن:

ذكرنا أن في القرآن إعجازاً ومعجزات، ومعجزات القرآن لا يمكن حصرها، وكل معجزة من معجزاته كافية لتدل على أنه من عند الله عز وجل، ولتدل على أن محمداً كان رسولاً لله لا شك في ذلك ولا ريب، فكيف إذا اجتمع مع معجزات القرآن إعجازه؟! وكيف إذا كانت معجزات القرآن بعضاً من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنك لو تأملت معاني القرآن ونظرت إليها على أنها جاءت بواسطة رجل أمي فإنك تجد من خلال هذه النظرة معجزات لا يمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>