للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول، واستخرجوا منه أحكام الوصايا. ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج وغير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت. ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق المبادي والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك واستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع.

وقد احتوى على علوم أخرى من علوم الأوائل وأم علوم القرآن ثلاثة: توحيد، وتذكير، وأحكام. فالتوحيد يدخل فيه معرفة المخلوقات ومعرفة الخالق بأسمائه وصفاته وأفعاله، والتذكير منه الوعد والوعيد والجنة والنار وتصفية الظاهر والباطن. والأحكام منها التكاليف كلها وتبيين المنافع والمضار والأمر والنهي والندب، ولذلك كانت الفاتحة أم القرآن لأن فيها الأقسام الثلاثة، وسورة الإخلاص ثلثه لاشتمالها على أحد الأقسام الثلاثة وهو التوحيد. وقال ابن جرير: القرآن يشتمل على ثلاثة أشياء: التوحيد، والأخبار، والديانات، ولهذا كانت سورة الإخلاص ثلثه لأنها تشمل التوحيد كله. وقال علي بن عيسى: القرآن يشتمل على ثلاثين شيئاً: الإعلام والتشبيه والأمر والنهي والوعد والوعيد ووصف الجنة والنار وتعليم الإقرار باسم الله وبصفاته وأفعاله وتعليم الاعتراف بإنعامه والاحتجاج على المخالفين والرد على الملحدين والبيان عن الرغبة والرهبة والخير والشر والحسن والقبيح ونعت الحكمة وفضل المعرفة ومدح الأبرار وذم الفجار والتسليم التحسين والتوكيد التقريع والبيان عن ذم الأخلاق وشرف الآداب. قال شيدلة: وعلى التحقيق أن تلك الثلاثة التي قالها ابن جرير تشمل هذه كلها بل أضعافها، فإن القرآن لا يستدرك ولا تحصى عجائبه.

وقال الشيخ العز بن عبد السلام:

وقد نوع الشارع في ذلك أنواعاً كثيرة ترغيباً لعباده وترهيباً وتقريباً إلى أفهامهم: فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله لأجله أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن فاعله أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب أو أقسم به أو بفاعله كالإقسام

<<  <  ج: ص:  >  >>