للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه واستدل أصحاب هذا الرأي بأن الصحابة أجمعوا على المصحف الذي كتب في عهد عثمان ولم يخالف منهم أحدٌ. وإجماعهم لا يتم إلا إذا كان الترتيب الذي أجمعوا عليه عن توقيف، لأنه لو كان عن اجتهاد لتمسك أصحاب المصاحف المخالفة بمخالفتهم. لكنهم لم يتمسكوا بها بل عدلوا عنها وعن ترتيبهم، وعدلوا عن مصاحفهم وأحرقوها، ورجعوا إلى مصحف عثمان وترتيبه جميعاً، ثم ساقوا روايات لمذهبهم كأدلة يستند إليها الإجماع.

منها ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن حذيفة الثقفي قال: "كنت في الوفد الذي أسلموا من ثقيف: إلى أن جاء في هذه الرواية ما نصه:

فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: طرأ عليَّ حزبٌ من القرآنِ فأردت ألا أخرج حتى أقضيه فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا نُحذِّبُه ثلاث سورٍ، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة، وحزب المفصَّل من "ق" حتى نختم قالوا: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واحتجوا لمذهبهم أيضاً بأن السور المتجانسة في القرآن لم يلتزم فيها الترتيب والولاء، ولو كان الأمر بالاجتهاد للوحظ مكانُ هذا التجانس والتماثل دائماً، لكن ذلك لم يكن، بدليل أن سور المسبحات لم ترتب على التوالي بينما هي متماثلة في افتتاح كل منها بتسبيح الله. بل فصل بين سورها بسورة "قد سمع" والممتحنة والمنافقين، وبدليل أن (طسم الشعراء وطسم القصص) لم يتعاقبا مع تماثلهما، بل فصل بينهما بسورة أقصر منهما وهي "طس".

وقد أيد هذا المذهب أبو جعفر النحاس فقال: "المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث وائلة: أعطيتُ مكان التوراة السبع الطوال".

وكذلك انتصر أبو بكر الأنباري لهذا المذهب فقال: "أنزل الله القرآن إلى سماء الدنيا ثم فرَّقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمرٍ يحدث والآية جواباً لمستخبر،

<<  <  ج: ص:  >  >>