للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يطوَّفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سُنَّةً في آبائهم، من أحرم لمناة لم يطفْ بين الصفا والمروة، وإنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين أسلموا، فأنزل الله تعالى في ذلك: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} وذكر إلى آخر الآية.

٢٥٠٧ - * روى الشيخان عن عاصم بن سليمان الأحول رحمه الله قال: قلت لأنسٍ: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ فقال: نعم، لأنها كانت من شعائر الجاهلية، حتى أنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.

وفي رواية (١): كنا نرى ذلك من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلامُ، أمسكنا عنهما، فأنزل الله عز وجل، وذكر الآية.

وفي رواية (٢) قال: كانت الأنصارُ يكرهون أن يطوَّفوا بين الصفا والمروة، حتى


= قال الحافظ في الفتح ٣/ ٣٩٨ تعليقاً على قوله: "فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بهما-إلخ" محصله: أن عروة احتج للإباحة باقتصار الآية على رفع الجناح، فلو كان واجباً، لما اكتفى بذلك لأن رفع الإثم علامة المباح ويزداد المستحب بإثبات الأجر، ويزداد الوجوب عليهما بعقاب التارك ومحصل جواب عائشة: أن الآية ساكتة عن الوجوب وعدمه، مصرحة برفع الإثم عن الفاعل، وأما المباح فيحتاج إلى رفع الإثم عن التارك، والحكمة في التعبير بذلك مطابقة جواب السائلين، لأنهم توهموا من كونهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية أنه لا يستمر في الإسلام، فخرج الجواب مطابقاً لسؤالهم، وأما الوجوب، فيستفاد من دليل آخر، ولا مانع أن يكون الفعل واجباً، ويعتقد إنسان امتناع إيقاعه على صفة مخصوصة، فيقال له: لا جناح عليك في ذلك، ولا يستلزم ذلك نفي الوجوب، ولا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل نفي الإثم عن التارك، فلو كان المراد مطلق الإباحة لنفي الإثم عن التارك:
وقال الطحاوي أيضاً: لا حجة لمن قال: السعي مستحب بقوله (فمن تطوع خيراً) لأنه راجع إلى أصل الحج والعمرة، لا إلى خصوص السعي، لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع.
سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما.
أي: فضه بالسنة، وليس مراده نفي فريضتها، ويؤيده قولها "لم يتم الله حج أحد ولا عمرته ما لم يطف بينهما" قاله الحافظ. ا. هـ.
٢٥٠٧ - البخاري (٣/ ٥٠٢) ٢٥ - كتاب الحج، ٨٠ - باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة.
مسلم ٠٢/ ٩٣٠) ١٥ - كتاب الحج، ٤٣ - باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به.
الترمذي (٥/ ٢٠٩) ٤٨ - كتاب تفسير القرآن، ٣ - باب "ومن سورة البقرة".
(١) البخاري (٨/ ١٧٦) ٦٥ - كتاب التفسير، ٢١ - باب قوله (إن الصفا والمروة من شعائر الله ...).
(٢) مسلم (٢/ ٩٣٠) نفس الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>