للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يطلق على المأمور كالخلق على المخلوق، ومنه {لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} وقال ابن بطال: معرفة حقيقة الروح مما استأثر الله بعلمه بدليل هذا الخبر، والحكمة في إبهامه اختبار الخلق ليعرفهم عجزهم عن علم مالا يدركونه حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه.

قال ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٢٧: وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية، وقد يجاب عن هذا بأن تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}.

أقول: وقد يكون سئل هذا وهو في مكة من قبل اليهود، بأن جاؤوه فسألوه أو أرسلوا له مع قريش، وهذا أولى من القول بتكرار النزول، ويؤكد هذا الرواية التالية:

٢٧٢٢ - * روى أحمد عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: قالت قريشٌ لليهود: أعطونا شيئاً نسألُ عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوهُ عن الروح، فسألوه عن الروح؟ فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} قالوا: أوتينا علماً كثيراً، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراةَ فقد أوتي خيراً كثيراً، فأنزل الله {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (١).

٢٧٢٣ - * روى الدارمي عن شداد بن معقل أن ابن مسعود قال: ليُنْتَزعَنَّ هذا القرآنُ من بين أظهركم، قلت يا أبا عبد الرحمن: كيف يُنتزعُ وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يُسْرَى عليه في ليلة فلا يبقى في قلب عبد ولا مصحف منه شيء، ويصبح الناس فقراء كالبهائم، ثم قرأ عبد الله: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ


٢٧٢٢ - أحمد (١/ ٢٥٥).
الترمذي (٥/ ٣٠٤) ٤٨ - كتاب تفسير القرآن، ١٨ - باب ومن سورة بني إسرائيل وقال الترمذي: هذا حخديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(١) الكهف: ١٠٩.
٢٧٢٣ - الدارمي (٢/ ٤٣٨) ٤ - باب في تعاهد القرآن. الطبراني (المعجم الكبير) (٩/ ١٥٣).
مجمع الزوائد (٧/ ٥٢) وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير شداد بن معقل، وهو ثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>