للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون فقالت: ما بدالك في هذا الغلام الذي وهبته لي؟ قال: ترينه يزعم أنه يصرعني ويعلوني. قالت: اجعل بيني وبينك أمراً تعرفُ الحق فيه: ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهُن إليه، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقلُ، وإن تناول الجمرتين ولم يُردِ اللؤلؤتين، علمت أن أحداً لا يؤثرُ الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقلُ. فقُرِّبِ ذلك، فتناول الجمرتين فانتزعوهما من يده مخافة أن تحرقاه. فقالت المرأة: ألا ترى؟ فصرفه الله عنه بعدما كان قد هم به، وكان الله، عز وجل، بالغاً فيه أمرهُ.

فلما بلغ أشده وكان من الرجال، لم يكن أحدٌ من آل فرعون يخلُص إلى أحدٍ من بني إسرائيل معه بظلمٍ ولا سُخرة حتى امتنعوا كل الامتناع.

فبينما موسى في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان أحدهما فرعونيٌّ والآخر إسرائيليٌّ. فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى غضباً شديداً لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم لا يعلم الناس أنما ذلك من الرضاع. إلا أم موسى، إلا أن يكون الله أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع عليه غيره. فوكز موسى الفرعوني فقتله، وليس يراهما أحد إلا الله والإسرائيلي. فقال موسى حين قتل الرجل {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} (١) ثم قال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (٢) وأصبح في المدينة خائفاً يترقب الأخبار فأُتي فرعون فقيل له: إن بني إسرائيل قتلُوا رجلاً من آل فرعون فخُذ لنا حقنا ولا تُرَخِّص لهم، فقال: ابغُوني قاتله ومن يشهد عليه فإن الملك وإن كان صفوه مع قومٍ لا يستقيم له أن يقيد بغير بينةٍ ولا ثبتٍ فاطلبوا لي علم ذلك آخُذْ لكم بحقكم.

فبينما هم يطوفن لا يجدون ثبتاً، إذا موسى قد رأى من الغد ذلك الإسرائيلي يقاتل رجلاً من آل فرعون آخر، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني، فصادف موسى قد ندم على ما كان منه فكره الذي رأى لغضب الإسرائيلي، وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، فقال للإسرائيلي - لما فعل أمس واليوم-: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ} (٣)، فنظر الإسرائيليُّ إلى موسى حين قال له ما قال، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس، فخاف أن


(١) قصص: ١٥.
(٢) قصص: ١٦.
(٣) قصص: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>