للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صومعتهِ، وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحبُ الديرِ من ديرِه، فآمنوا به وصدقوه، فقال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (١) أجرين، بإيمانهم بعيسى عليه السلام، وبالتوارة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمدٍ صلى الله وعليه وسلم وتصديقهم، وقال: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} (٢) القرآن: واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} (٣) الذين يتشبهون بكم: {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ... الآية.

قوله وله حميم فيهم: أي صديق حبيب وهذا تعليل لقبولهم الإبعاد بدل القتل.

قال ابن كثير: "هذا السياق فيه غرابة". أقول: إنما استغرب ابن كثير هذا السياق لأن إطلاق الآية في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يدل على أن الآية في كل مؤمن، لأن قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} معناه: ليعلم أهلُ الكتاب من خلال إيمانكم وتقواكم يا أهل الإيمان أن فضل الله واسع وأنه يخصُّ من شاء وأنهم لا يقدرون أن يمنعوا فضل الله عمن يريد الله عز وجل أن يؤتيه فضله، فتخصيص ابن عباس لها بأنها في أهل الكتاب لا يسعفه ظاهر اللفظ إلا إذا قلنا بأن خصوص السبب لا ينفي عموم اللفظ.

قال محقق الجامع بمناسبة قوله تعالى: {إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}.

فيه قولان: أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قاله سعيد بن جبير وقتادة. والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك، إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله، وقوله: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين. أحدهما: الابتداع في دين الله بما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة بقربهم إلى الله عز وجل، قاله ابن كثير.


(١) الحديد: ٢٨.
(٢) الحديد: ٢٨.
(٣) الحديد: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>