كذلك اشترطوا. بيد أن هذه الشروط متداخلة، فيمكن الاستغناء بالأول عن الثالث، وبالخامس عن الرابع. ويحسن ملاحظة شرطين بدلهما أحدهما بيان المعنى الموضوع له اللفظ الكريم أولاً. ثانيهما ألا يكون من وراء هذا التفسير الإشاري تشويش على المفسر له.
ثم إن هذه شروط لقبوله بمعنى عدم رفضه فحسب، وليست شروطاً لوجوب اتباعه والأخذ به. ذلك لأنه لا يتنافى وظاهر القرآن، ثم إن له شاهداً يعضده من الشرع، وكل ما كان كذلك لا يرفض. وإنما لم يجب الأخذ به لأن النظم الكريم لم يوضع للدلالة عليه، بل هو من بيل الإلهامات التي تلوح لأصحابها غير منضبطة بلغة، ولا مقيدة بقوانين. اهـ من مناهل العرفان.
أقول: هناك دقائق يفهمها من فتح الله عليه في فهم القرآن تدخل في الفم الصحيح للقرآن فهذه من التفسير المقبول ولا تعتبر من التفسير الإشاري، فالتفسير الإشاري هو ما تجاوز ذلك فلابد من الاعتقاد أن هذا النوع الذي يسمونه التفسير الإشاري ليس تفسيراً للقرآن ولا يحتمله النص القرآني لا من قريب ولا من بعيد ومن لم يعتقد ذلك فإنه يدخل إما في دائرة ضلال أو كفر على حسب نوع الكلام الذي يقوله من حيث قربه أو بعده عن التفسير الصحيح للقرآن الكريم.
- قال السيوطي في تبيان شرف علم التفسير:
قد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجلّ العلوم الثلاثة الشرعية. وقال الأصبهاني: أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن. بيان ذلك أن شرف الصناعة: إما بشرف موضوعها مثل الصياغة فإنها أشرف من الدباغة، لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة وهما أشرف من موضوع الدباغة الذي هو جلد الميتة. وإما بشرف غرضها مثل صناعة الطب، فإنها أشرف من صناعة الكناسة لأن غرض الطب إفادة الصحة وغرض الكناسة تنظيف المستراح. وإما بشدة الحاجة إليها كالفقه، فإن الحاجة إليه أشد من الحاجة