وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك. ولكن قراءة القرآن حرام على الجنب والحائض والنفساء، سواء قرأ قليلاً أو كثيراً حتى بعض آية، ويجوز لهم إجراء القرآن على القلب من غير لفظ، وكذلك النظر في المصحف، وإمراره على القلب. قال أصحابنا: ويجوز للجنب والحائض أن يقولا عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعند ركوب الدابة: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وعند الدعاء: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، إذا لم يقصدا به القرآن، ولهما أن يقولا: بسم الله والحمد لله، إذا لم يقصدا القرآن، سواء قصدا الذكر أو لم يكن لهما قصد، ولا يأثمان إلا إذا قصدا القرآن، ..
وأما إذا قالا لإنسان: خذ الكتاب بقوة، أو قالا: ادخلوها بسلام آمنين، ونحو ذلك، فإن قصدا غير القرآن لم يحرم، وإذا لم يجدا الماء تيمما وجاز لهما القراءة، فإن أحدث بعد ذلك لم تحرم عليه القراءة كما لو اغتسل ثم أحدث. ثم لا فرق بين أن يكون تيممه لعدم الماء في الحضر أو في السفر، فله أن يقرأ القرآن بعده وإن أحدث.
ولو تيمم الجنب ثم رأى ماءً يلزمه استعماله فإنه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل. ولو تيمم وصلى وقرأ ثم أراد التيمم لحدث أو لفريضة أخرى أو لغير ذلك لم تحرم عليه القراءة.
هذا هو المذهب الصحيح المختار ...
أما إذا لم يجد الجنب ماءً ولا تراباً فإنه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، وتحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على الفاتحة.
وهل تحرم الفاتحة؟ فيه وجهان: أصحهما لا تحرم بل تجب، فإن الصلاة لا تصح إلا بها، وكما جازت الصلاة للضرورة تجوز القراءة. والثاني تحرم بل يأتي بها من لا يحسن شيئاً من القرآن. وهذه فروع رأيت إثباتها هنا لتعلقها بما ذكرته فذكرها مختصرة وإلا فلها تتمات وأدلة مستوفاة في كتب الفقه، والله أعلم.