للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المرج والروضة كانت له حسنات، ولو أنه انقطع طيلها فاستنت شرفاً أو شرفين: كانت له آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر، فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له، فهي لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي لذلك الرجل ستر، ورجل ربطها فخراً ورياءً ونواءً لأهل الإسلام- وفي رواية (١): على أهل الإسلام- فهي على ذلك وزر، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر؟ فقال: ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٢).

وفي رواية (٣): "فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها، واستنت شرفاً أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات .. وذكر نحوه".

وأخرج البخاري (٤) أيضاً: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت- إذا لم يعط فيها حقها- تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها على


(١) البخاري (٥/ ٤٥) ٤٢ - كتاب المساقاة، ١٢ - باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار.
(٢) الزلزلة: ٧، ٨.
(٣) مسلم، الموضع السابق ص ٦٨١.
(٤) البخاري (٣/ ٢٦٧) ٢٤ - كتاب الزكاة، ٣ - باب إثم مانع الزكاة.
(فاستنت) الاستنان: الجري.
(شرفا) الشرف: الشوط والمدى.
(تغنيا): استغناء بها عن الطلب لما في أيدي الناس.
(في ظهورها) أما حق ظهورها: فهو أن يحمل عليها منقطعاً، ويشهد له قوله في موضع آخر: "وأن يفقر ظهرها" وأما حق "رقابها". فقيل: أراد به: الإحسان إليها، وقيل: أراد به الحمل عليها، فعبر بالرقبة عن الذات.
(نواء) النواء: المغاداة، يقال: ناوأت الرجل مناوأة، أي: عاديته.
(الفاذة) النادرة الواحدة، والفذ: الواحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>