على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فمن المرفوعة، ما رواه الدارقطني في سننه صفحة (٢٠٣) والحاكم في مستدركه (١/ ٣٨٨)، والبيهقي في سننه (٤/ ١٤٧) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته" والبز، قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" هو بالباء والزاي، وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز، قال: ومن الناس من صحفه بضم الباء وبالراء المهملة، وهو غلط. اهـ. ولهذا الحديث طرق لا تخلو من ضعف.
وأما الآثار، فمنها ما رواه مالك في الموطأ (١/ ٢٥٥) باب زكاة العروض، عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حيان، وكان على جواز مصر في زمان الوليد، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز، فذكر أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إليه: أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارة، من كل أربعين، ديناراً فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً، ومن مر بك من أهل الذمة، فخذ مما يديرون من التجارة من كل عشرين ديناراً ديناراً، فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها، ولا تأخذ منها شيئاً، واكتب لهم بما تأخذ منهم كتاباً إلى مثله من الحول، وإسناده حسن.
وروى أحمد وعبد الرزاق، والدارقطني والشافعي عن أبي عمرو حماس عن أبيه أنه قال: كنت أبيع الأدم والجعاب (١)، فمر بي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: أد صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو في الأدم، قال: قومه ثم أخرج صدقته، وفيه ضعف، وروى عبد الرزاق في مصنفه قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: في كل مال يدار في عبيد أو دواب، أو بز للتجارة، تدار الزكاة فيه كل عام، وأخرج عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، والقاسم، قالوا في العروض: تدار الزكاة كل عام، لا تؤخذ منها الزكاة حتى يأتي ذلك الشهر عام قابل.
وقد أخرج الشافعي في (الأم ٢/ ٢٩) بسند صحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي
* (الجعاب): جمع جعبة: وهي الكنانة التي تجعل فيها السهام.