قال: وقعت بامرأتي، وأنا صائم، وذلك في رمضان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اعتق رقبة". قال: لا أجده قال: "أطعم ستين مسكيناً". قال: ليس عندي، قال:"اجلس". فجلس، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فيه عشرون صاعاً، فقال:"أين السائل آنفاً؟ " قال: ها أنا ذا يا رسول الله. قال:"خذ هذا فتصدق به". قال: يا رسول الله على أحوج مني ومن أهلي!! فوالذي بعثك بالحق ما لنا عشاء ليلة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فعد به عليك وعلى أهلك".
قال ابن خزيمة: إن ثبتت هذه اللفظة: بعرق فيه عشرون صاعاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا المجامع أن يطعم كل مسكين ثلث صاع من تمر، لأن عشرين صاعاً إذا قسم بين ستين مسكيناً كان لكل مسكين ثلث صاع. ولست أحسب هذه اللفظة ثابتة، فإن في خبر الزهري: أتي بمكتل فيه خمسة عشر صاعاً، أو عشرون صاعاً. هذا في خبر منصور بن المعتمر عن الزهري. فأما هقل بن زياد فإنه روى عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: خمسة عشر صاعاً. قد خرجتهما بعد، ولا أعلم أحداً من علماء الحجاز والعراق قال: يطعم في كفارة الجماع كل مسكين ثلث صاع في رمضان. قال أهل الحجاز: يطعم كل مسكين مداً من طعام، تمراً كان أو غيره. وقال العراقيون: يطعم كل مسكين صاعاً من تمر. فأما ثلث صاع، فلست أحفظ عن أحد منهم. قال ابن خزيمة: قد يجوز أن يكون ترك ذكر الأمر بصيام شهرين متتابعين في هذا الخبر إنما كان لأن السؤال في هذا الخبر إنما كان في رمضان قبل أن يقضي الشهر، وصيام شهرين متتابعين لهذه الحوبة لا يمكن الابتداء فيه إلا بعد أن يقضى شهر رمضان، وبعد مضي يوم من شوال. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المجامع بإطعام ستين مسكيناً، إذ الإطعام ممكن في رمضان لو كان المجامع مالكاً لقدر الإطعام، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم مما يجوز له فعله معجلاً، دون ما لا يجوز له فعله إلا بعد مضي أيام وليالي والله أعلم. ولست أحفظ في شيء من أخبار أبي هريرة أن السؤال من المجامع قبل أن ينقضي شهر رمضان فجاز إذا كان السؤال بعد مضي رمضان أن يؤمر بصيام شهرين، لأن الصيام في ذلك الوقت للكفارة جائز. اهـ.
وفي الروايات القادمة توضيح أنه أمره فيما أمره بصيام شهرين متتابعين وقد أخرجها