ولقول عطاء: إن أفطر بالأكل أطعم عشرين صاعاً، وعلى أشهب في قوله لو غداهم أو عشاهم كفى تصدق الإطعام، ولقول الحسن: يطعم أربعين مسكيناً عشرين صاعاً أو بالجماع أطعم خمسة عشر، وفيه رد على الجوهري حيث قال في الصحاح: المكتل يشبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعاً لأنه لا حصر في ذلك، وروي عن مالك أنه قال: يسع خمسة عشر أو عشرين ولعله قال ذلك في هذه القصة الخاصة فيوافق رواية مهران وإلا فالظاهر أنه لا حصر في ذلك والله أعلم. اهـ.
أقول: فخلاصة رأي الجمهور تبعاً للأحاديث والآثار السابقة: أن الواجب خمسة عشر صاعاً من تمر أو شعير أو نحوه والصاع أربعة أمداد، فلكل فقير مد، والصاع عندهم يعادل ٢٧٥١ غراماً فيكون المد يعادل ٦٨٧ غراماً تقريباً. أما الحنفية وسفيان الثوري فقالوا: يجب ٦٠ صاعاً من شعير أو تمر أو ثلاثين صاعاً من قمح، أخذاً بحديث سلمة بن صخر الذي فيه:(فأطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر وكل أنت وعيالك). والوسق= ٦٠ صاعاً، وهذا الحديث أخرجه أبو داود (٢٢١٣) والترمذي (١٢٠٠) وحسنه وهو كذلك، والجمهور أخذوا بالروايات المذكورة آنفاً، قال الخطابي: وهو- رأي الحنفية- أحوط الأمرين كذا في المعالم.
فائدة: قال ابن دقيق العيد: المراد بالإطعام الإعطاء لا اشتراط حقيقة الإطعام من وضع المطعوم في الفم بل يكفي الوضع بين يديه بلا خلاف، وفي إطلاق الإطعام ما يدل على الاكتفاء بوجود الإطعام من غير اشتراط مناولة، بخلاف زكاة الفرض فإن فيها النص على الإيتاء وصدقة الفطر فإن فيها النص على الأداء، وفي ذكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين فيخرج الطفل الذي لم يطعم كقول الحنفية، ونظر الشافعي إلى النوع فقال: يسلم لوليه، وذكر الستين ليفهم أنه لا يجب ما زاد عليها، ومن لم يقل بالمفهوم تمسك بالإجماع على ذلك. وذكر في حكمة هذه الخصال من المناسبة أن من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية فناسب أن يعتق رقبة فيفدي نفسه، وقد صح أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار. وأما الصيام فمناسبته ظاهرة لأنه كالمقاصة بجنس الجناية، وأما كونه شهرين فلأنه لما أمر بمصابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر