وذكر الشوكاني في (نيل الأوطار ١/ ٢٤) أن بعض الحنفية قالوا بنجاسة الماء المستعمل لكن قال ابن عابدين خاتمة المحققين في (رد المحتار ١/ ١٣٤).
(قوله وهو طاهر - أي المستعمل - رواه محمد عن الإمام وهذه الرواية هي المشهورة عنه، واختارها المحققون قالواك عليها الفتوى لا فرق في ذلك بين الجنب والمحدث) ا. هـ.
لكن استدل من قال من الحنفية على نجاسة الماء المستعمل بما يلي:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال:"من اغترف من ماء وهو جنب فما بقي نجس" أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، (عمدة القارئ ٢: ٢٣) قلت [أي: سند صحيح، رجاله رجال الصحيحين، إلا أبا سنان، فإنه من رجال مسلم.
(قال صاحب إعلاء السنن ١/ ١٨٣ - ١٨٤).
قال العيني:"وهذا الأثر من أقوى الدلائل لمن ذهب من الحنفية إلى نجاسة الماء المستعمل فافهم". ا. هـ (٢: ٢٣) وحمله بعضهم على ما إذا كان بيده قذر. قلت: لا يكون إذن لقوله "وهو جنب" معنى، لأن غسل القذر لا يختص بالجنب، بل وجب غسله عام له ولغيره، والقيد يدل على أن لمعنى الجنابة أثراً في الحكم، وليس هو إلا ما قاله الحنفية من نجاسة الماء المستعمل. وأيضاً ففي هذا الأثر مايدل على نجاسة الباقي بعد الاغتراف دون الذي اغترفه، وهذا لا يتصور فيما إذا كان بيده قذر. وبالجملة فتأويله بنحو ذلك لا يخلو ن تعسف مستغنى عنه، والحق ما قاله العيني إنه من أقوى الدلائل لنجاسة الماء المستعمل، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، وروى أبو يوسف عنه أنه نجس نجاسة خفيفة كما في فتح القدير (١: ٧٤)].
أقول: إن صح الحديث فهو في المستعمل في إزالة الجنابة فحسب، على أنه يُتوَقَّف في الأخذ بهذا الحكم لما صح من أحاديث في طهارة الماء المستعمل وقد حققنا أن الرأي المشهور المُفتى به عند الحنفية طهارة الماء المستعمل، أما فائدة القيد وهو جنب أن يغلب وجود النجاسة حال الجنابة.