وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه.
أقول: هذا محمول على من يحتاط بزعمه لرمضان ومن ههنا فإن الحنفية كرهوا أن يصوم الرجل يوم الشك بنية رمضان أو بنية متلومة أي مترددة بأن كان من رمضان جعله من رمضان وإن كان من شعبان جعله نفلاً، والصورة الوحيدة التي أجازها الحنفية أن يصوم يوم الشك نفلاً، وقد أشرنا إلى ذلك.
فائدة: عرف الحنفية يوم الشك فقالوا:
هو آخر يوم من شعبان يوم الثلاثين إذا شك بسبب الغيم أمن رمضان هو أو من شعبان. فلو كانت السماء صحوا ولم ير الهلال أحد فليس بيوم الشك وحكمه: أنه مكروه تحريماً إذا نوى أنه من رمضان أو من واجب آخر. ولا يكره صومه نفلاً جازماً به بلا ترديد بينه وبين صوم آخر، فلا يصام يوم الشك إلا تطوعاً. وقال المالكية: يكره صومه للاحتياط على أنه من رمضان ولا يجزئه صومه عن رمضان، وجاز صومه لمن اعتاد الصوم تطوعاً وقضاء عن رمضان سابق، وكفارة عن يمين أو غيره ولنذر يوم معين، ويندب الإمساك يوم الشك ليتحقق الحال فإن ثبت رمضان وجب الإمساك لحرمة الشهر.
وقال الشافعية: يوم الشك: هو يوم الثلاثين من شعبان في حال الصحو، وإذا تحدث الناس برؤية الهلال ليلته، ولم يعلم من رآه ولم يشهد برؤيته أحد. وحكمه: أنه يحرم ولا يصح التطوع بالصوم يوم الشك، وكذلك يحرم صوم يوم أو يومين قبل رمضان، ويجوز صوم يوم الشك عن القضاء والنذر والكفارة ولموافقة عادة تطوعه، ونحوه مما له سبب يقتضي الصوم، ويجب الإمساك على من أصبح يوم الشك مفطراً ثم تبين أنه من رمضان، ثم يقضيه بعد رمضان فوراً، وإن صامه متردداً بين كونه نفلاً من شعبان أو فرضاً من رمضان، لم يصح فرضاً ولا نفلاً إن ظهر أنه من رمضان. وقال الحنابلة في تحديد يوم الشك كالشافعية، وفي حكمه كما قال المالكية. والخلاصة: إن صوم يوم الشك مكروه عند الجمهور، حرام عند الشافعية، جائز تنفلاً عند الحنفية.