للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صيام داود عليه السلام: صوم يوم، وفطر يوم".

وله في أخرى (١) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: يا رسول الله، ما أردت بذلك إلا الخير، قال: لا صام من صام الأبد، ولكن أدلك على صوم الدهر: ثلاثة أيام من كل شهر، قلت: يا رسول الله، إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم خمسة أيام، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: فصم عشراً، فقلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم صوم داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".

وله في أخرى (٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".

وقد أطال النسائي في تخريج طرق هذا الحديث، ومن جملة طرقه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ القرآن في شهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه حتى قال: خمسة أيام، وقال: ثلاثة أيام من الشهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه حتى قال: صم أحب الصيام إلى الله عز وجل: صوم داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً".

أقول: إنما كان صوم داود أفضل من غيره لأن المجاهدة فيه أظهر، ولأن قوة الإنسان تبقى معه عادة، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: اقرأ القرآن في شهر. أخذ العلماء فكرة تجزئة القرآن على ثلاثين جزئاً. وفي قوله عليه السلام: (هجمت له العين ونفهت له النفس) معجزة من معجزات الإسلام إذا راعى مطالب الجسد وإمكانات النفس، ودين يراعي الجسد هذه المراعاة ويسوس النفس هذه السياسة هو الدين الذي يتلاءم مع الفطرة.

إن كثيراً من الأديان والمذاهب تعذب الجسد وتصادم الفطرة ولا تحسن سياسة النفس


(١) النسائي: (٤/ ٢١٣) ٢٢ - كتاب الصيام، ٧٧ - ذكر الزيادة في الصيام والنقصان ... إلخ.
(٢) النسائي: (٤/ ٢٠٩) ٢٢ - كتاب الصيام، ٧٦ - صوم يوم وإفطار يوم ... إلخ.
(هجمت له العين) هجوم العين: غورها ودخولها في مكانها من الضعف.
(نفهت له النفس) نفهت النفس- بالنون- إذا أعيت وسئمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>