للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم".

ومن الرواة (١) من قال: عن علي بن الحسين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته صفية.

قوله: مبلغ الدم، أي: كمبلغ الدم، ووجه الشبه بين طرفي التشبيه: شدة الاتصال وعدم المفارقة، وكان الشافعي في مجلس ابن عيينة، فسأله عن هذا الحديث، فقال: إنما قال لهما ذلك لأنه خاف عليهما الكفر، إن ظنا به التهمة، فبادر إلى إعلامهما بمكانها، نصيحة لهما في الدين قبل أن يقذف الشيطان في قلوبهما أمراً يهلكان به.

قال الحافظ في (الفتح ٤/ ٢٨٠):

وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائريه، والقيام معهم والحديث مع غيرهم، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وزيارة المرأة للمعتكف، وبيان شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم، وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان، والاعتذار، قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدى بهم، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب سوء الظن بهم وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثم قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافياً نفياً للتهمة، ومن هنا يظهر خطأ من يتظاهر بمظاهر السوء، ويعتذر بأنه يجرب بذلك على نفسه، وقد عظم البلاء بهذا الصنف والله أعلم. وفيه إضافة بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليهن، وفيه جواز خروج المرأة ليلاً، وفيه قول: سبحان الله عند التعجب وقد وقعت في الحديث لتعظيم الأمر وتهويله، وللحياء من ذكره.

٣٩١٦ - * روى أحمد عن عبد الله بن عمر قال: بني لنبي الله صلى الله عليه وسلم بيت من سعف اعتكف في رمضان، حتى إذا كان ليلة أخرج رأسه فسمعهم يقرؤون. فقال: "إن المصلي


(١) البخاري (٤/ ٢٨٢) ٣٣ - كتاب الاعتكاف، ١٢ - باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه.
(يقذف) يلقى ويوقع في أنفسكم.
٣٩١٦ - أحمد (٢/ ٦٧).
ابن خزيمة (٣/ ٣٥٠، ٣٥١) كتاب الصيام، ٢٦٦ - باب الرخصة في بناء بيوت السعف في المسجد للاعتكاف فيها، وإسناده حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>