للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالبطحاء، وقال: من شاء أن يجعلها عمرة فليفعل".

"بذي طوى" بفتح الطاء وضمها وكسرها، ثلاث لغات حكاهن القاضي وغيره، الأصح الأشهر: الفتح ولم يذكر الأصمعي وآخرون غيره، وهو مقصور منون، وهو واد معروف بقرب مكة. قال القاضي: ووقع لبعض الرواة في البخاري بالمد، وكذا ذكره ثابت، قاله النووي (م).

قوله عليه السلام: "فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة".

قال النووي في "شرح مسلم" (١/ ٣٩٣): اختلف العلماء في معناه على أقوال، أصحها وبه قال جمهورهم: معناه: أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى يوم القيامة، والمقصود به بيان إبطال ما كانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في أشهر الحج. والثاني: معناه: جواز القران، وتقدير الكلام: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إلى يوم القيامة. والثالث: تأويل بعض القائلين بأن العمرة ليست واجبة، قالوا: معناه: سقوط العمرة، قالوا: ودخولها في الحج معناه: سقوط وجوبها، وهذا ضعيف أو باطل، وسياق الحديث يقتضي بطلانه. والرابع: تأويل بعض أهل الظاهر أن معناه: جواز فسخ الحج إلى العمرة، وهذا أيضاً ضعيف.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٣/ ٤٨٥): وتعقب بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل (يعني فسخ الحج إلى العمرة) بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عما هو أعم من ذلك حتى يتناول التأويلات المذكورة إلا الثالث، والله أعلم.

قال محقق الجامع: والذي عليه الحنابلة هو استحباب فسخ الحج إلى العمرة لمن كان مفرداً أو (١)


(١) (حلت العمرة لمن اعتمر) كانوا لا يعتمرون في الأشهر الحرم حتى تنسلخ، فذلك معنى قوله "ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر" لأن بدخول صفر تنسلخ الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
(دان بدينهم): الدين: الطاعة. ودان فلان بدين كذا: أخذ به وتابعه واقتدى به.
(دخلت العمرة في الحج) قال الخطابي: اختلف الناس في تأويل ذلك. فقالت طائفة: إن العمرة واجبة، وإليه ذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: ليست واجبة. واستدلوا على ذلك بقوله: "دخلت العمرة في الحج" فسقط فرضها بالحج. وقال الموجبون: إن عملها قد دخل في عمل الحج. فلا نرى على القارن أكثر من إحرام واحد. وقيل: بل معناه: أنها قد دخلت في وقت الحج وشهوره. وكان أهل الجاهلية لا يعتمرون في أشهر الحج. فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>