قال النووي في شرح مسلم: وفي هذا حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء: أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزئه عن حجة الإسلام، بل يقع تطوعاً، وهذا الحديث صريح فيه، وقال أبو حنيفة: لا يصح حجه قال أصحابه: وإنما فعلوه تمريناً له ليعتاده فيفعله إذا بلغ، وهذا الحديث يرد عليهم. قال القاضي: لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان، وإنما منعه طائفة من أهل البدع، ولا يلتفت إلى قولهم، بل هو مردود بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإجماع الأمة، وإنما خلاف أبي حنيفة في أنه هل ينعقد حجه ويجري عليه أحكام الحج ويجب فيه الفدية ودم الجيران وسائر أحكام البالغ؟ فأبو حنيفة يمنع ذلك كله ويقول: إنما يجنب ذلك تمريناً على التعليم، والجمهور يقولون: تجري عليه أحكام الحج في ذلك، ويقولون: حجه منعقد يقع نفلاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له حجاً. قال القاضي: وأجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الإسلام إلا فرقة شذت فقالت: يجزئه ولم يلتفت العلماء إلى قولها وقال النووي: قوله: "ولك أجر" معناه بسبب حملها له وتجنبها إياه. وما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله المحرم والله أعلم. وأما الولي الذي يحرم عن الصبي، فالصحيح عند أصحابنا: أنه الذي يلي ماله، وهو: أبوه، أو جده، أو الوصي، أو القيم من جهة القاضي، أو القاضي أو الإمام، وأما الأم، فلا يصح إحرامها عنه، إلا أن تكون وصيته أو قيمته من جهة القاضي. وقيل: إنه يصح إحرامها وإحرام العصبة وإن لم يكن لهم ولاية المال. هذا كله إذا كان صغيراً لا يميز، فإن كان مميزاً أذن له الولي فأحرم، فلو أحرم بغير إذن الولي، أو أحرم الولي عنه، لم ينعقد على الأصح، وصفة إحرام الولي عن غير المميز أن يقول بنفسه: جعلنه محرماً والله أعلم.
٤٦١٧ - * روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما صبي حجَّ ثم بلغ الحنث عليه حجةٌ أخرى. وأيما أعرابيٍّ حجَّ ثم هاجر فعليه أنْ يحُجَّ حجةً أخرى. وأيما عبدٍ حجَّ ثم عُتِقَ فعليه حجةٌ أخرى" (١).
٤٦١٧ - مجمع الزوائد (٣/ ٢٠٥، ٢٠٦) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، وكذلك رواه الخطيب البغدادي، وهو حديث صحيح.