للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذكورة، فلا جزية على امرأة ولا صبي ولا مجنون ولا معتوه ولا زَمِنٍ ولا أعمى ولا مفلوج ولا شيخ كبير، لأنها وجبت بدلاً عن القيام بقتال الأعداء وهم لا يقاتلون لعدم الأهلية، ولا جزية على فقير غير مكتسب لعدم الطاقة ولا على الرهبان الذي لا يخالطون الناس إذ لا يقاتلون، ولا جزية على العبد بأنواعه، وخالف الشافعية والحنابلة في الأرجح عندهم في الفقير والمريض فلم يجيزوا إسقاط الجزية بالأعذار. ويترتب على عقد الذمة إنهاء الحرب بين المسلمين وغيرهم وعصمة نفوس الكفار وأموالهم وبلادهم وأعراضهم فلا يجوز استباحتها بعد انعقاد العقد.

والجزية نوعان: جزية صُلحية، وهي جزية توضع بالتراضي والصلح، فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق فلا حد لها ولا لمن تؤخذ منه إلا ما يقع عليه الصلح - وجزية عُنوية تفرض فرضاً: وهي التي يبتدئ الإمام وضعها إذا غلب المسلمون على الكفار واستولوا على بلادهم وأقرهم الإمام على أمرهم، واتفق الفقهاء على أن عقد الذمة عقد لازم من ناحية المسلمين فلا يملك المسلمون نقضه بأي حال. وأما بالنسبة لغير المسلمين فهو عقد غير لازم لكنه لا ينتقض عند الحنفية إلا بأحد أمور ثلاثة: وهي أن يسلم الذمي أو يلحق بدار الحرب، أو يغلب الذميون على موضع فيحاربوننا، ولا ينتقض عهدهم بغير المذكور، لأن التزام الجزية باق ويستطيع الحاكم أن يجبرهم على أدائها.

ويرى جمهور الفقهاء: أن عهد الذمي ينتقص بمنعه أداء الجزية، أو امتناعه من تطبيق أحكام الإسلام العامة أو الاجتماع على قتال المسلمين لأن هذه الأمور من مقتضى عقد الذمة فارتكابها يخالف مقتضى العقد فيوجب نقض المعاهدة، وكذلك قالوا - ما عدا الشافعية-: ينتقض العقد بارتكاب المعاصي. واتفق الفقهاء على أن أهل الذمة ملتزمون بتطبيق أحكام الإسلام المدنية والجنائية وأما العبادات ونحوها مما يدينون به كشرب الخمور وتربية الخنازير وأكلها فيتركون وما يدينون بدون تظاهر.

آراء الفقهاء في مقدار الجزية ووقت أدائها ومسقطاتها: يرى الحنفية والحنابلة أن الجزية يختلف مقدارها بحسب حال المكلف بها، فإن كان غنياً فيجب عليه ثمانية وأربعون درهماً في السنة، وإن كان متوسط الحال فعليه أربعة وعشرون درهماً: وإن كان فقيراً عاملاً فعليه اثنا عشر درهماً. وقال المالكية: مقدار الجزية أربعون درهماً وينقص عن

<<  <  ج: ص:  >  >>