لفضلهن، وقدم هجرتهن، وكونهن أمهات المؤمنين. كذلك اختصصن بمساكنهن لم يرثها ورثتهن.
قال القاضي: وفي ترك فاطمة رضي الله عنها منازعة أبي بكر رضي الله عنه بعد احتجاجه عليها بالحديث: التسليم للإجماع على القضية، وأنها لما بلغها الحديث، وبين لها التأويل تركت رأيها، ثم لم يكن منها ولا من أحد من ذريتها بعد ذلك طلب الميراث. ثم لما ولي علي رضي الله عنه الخلافة لم يعدل بها عما فعله أبو بكر وعمر فدل على أن طلب علي والعباس رضي الله عنهما: إنما كان طلب تولي القيام بها بأنفسهما، وقسمتها بينهما كما سبق، قال: وأما ما ذكر من هجران فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما، فمعناه: انقباضها عن لقائه، وليس هذا من الهجران المحرم الذي هو ترك السلام والإعراض عند اللقاء.
وقوله في الحديث:"فلم تكلمه" يعني: في هذا الأمر. أو لانقباضها لم تطلب منه حاجة، ولا اضطرت إلى لقائه تكليمه، ولم ينقل قط أنهما التقيا فلم تسلم عليه ولا كلمته.
قال: وأما قول عمر: "جئتماني تكلماني. وكلمتكما واحدة، جئت يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك؟ وجاءني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها؟ " ففيه إشكال، مع إعلام أبي بكر لهم قبل هذا الحديث، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نورث".
وجوابه: أن كل واحد إنما طلب القيام وحده على ذلك، ويحتج هذا بقربه بالعمومة، وهذا بقرب امرأته بالبنوة وليس المراد: أنهما طلبا ما علما منع النبي صلى الله عليه وسلم لهما منه، ومنعهما منه أبو بكر رضي الله عنه، وبين لها دليل المنع، واعترفا له بذلك.
قال العلماء: وفي هذا الحديث: أنه ينبغي أن يولي أمر كل قبيلة سيدهم، ويفوض إليه مصلحتهم، لأنه أعرف بهم وأرفق بحالهم، وأبعد من أن يأنفوا من الانقياد له. لهذا قال الله سبحانه وتعالى:{فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}(١) وفيه جواز نداء الرجل باسمه من غير كنية.