العلماء أوجبه بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب قال القاضي عياض وأجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ولا ما يؤدي إلى هلاكه فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء وهل يجب ديته أم يكون هدراً فيه مذهبان للعلماء وهما قولان في مذهب مالك رضي الله عنه قال واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته بل احتاط وصلى إلى سترة أو في مكان يأمن المرور بين يديه ويدل عليه قوله في حديث أبي سعيد في الرواية التي بعد هذه، إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره فإن أبى فليقاتله. قال: وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده وإنما يدفعه ويرده من موقفه لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه ولهذا أمر بالقرب من سترته وإنما يرده إذا كان بعيداً منه بالإشارة والتسبيح. قال: وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر لا يرده لئلا يصير مروراً ثانياً إلا شيئاً؛ روي عن بعض السلف أنه يرده وتأوله بعضهم. هذا آخر كلام القاضي رحمه الله تعالى وهو كلام نفيس والذي قاله أصحابنا أنه يرده إذا أراد المرور بينه وبين سترته بأسهل الوجوه فإن أبى فبأشدها ..
قوله صلى الله عليه وسلم فإنما هو شيطان قال القاضي قبل معناه إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان، وقيل معناه يفعل فعل الشيطان لأن الشيطان بعيد من الخير وقبول السنة، وقيل المراد بالشيطان القرين كما جاء في الحديث الآخر فإن معه القرين (١). اهـ.
(١) القرين: قال في النهاية: قرين الإنسان هو مصاحبه من الملائكة والشياطين. فقرينه من الملائكة يأمره بالخير ويحثه عليه. وقرينه من الشياطين يأمره بالشر ويحثه عليه.
قال في إعلاء السنن: وفي إباحة مقاتلة المار بين يديه حقيقة نظر، لحديث عثمان يوم الدار: أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، أو كفر بعد إسلام، أو قتل نفس بغير حق، فقتل به". أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه. وأخرج الشيخان نحوه بمعناه عن ابن